19 سبتمبر 2025
تسجيليتحدث ابن عباس رضي الله عنهما، عن قصة السيدة هاجر مع ابنها إسماعيل عليه السلام، من بعد أن قرر خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام أن يخرج من فلسطين إلى حيث أمره الله.. حيث يقول ابن عباس: ".. ثم جاء بها إبراهيم وبابنها إسماعيل وهي ترضعه حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابًا فيه تمر وسقاء فيه ماء، ثم قفَّى إبراهيم منطلقاً، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله الذي أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذاً لا يضيعنا.ثم رجعت، فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهذه الكلمات ورفع يديه وقال: (رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ..) حتى بلغ (يشكرون).الشاهد من قصة السيدة هاجر مع نبي الله إسماعيل عليهما السلام، أن اليقين بمعية الله هو الأساس في أي خطوة نخطوها نبتغي بها الأمن والأمان. والله لن يضيع أحدًا لجأ إليه واستعان به وسأله حاجته ومبتغاه، وهو أمر مفروغ منه لا ريب فيه، وهو دليل على صحة إيمان المرء.تأمّل مشهد هاجر مع زوجها إبراهيم وهي تسأله بإلحاح شديد، وقد تركهم في صحراء مقفرة مخيفة لا ماء ولا زرع ولا إنس ولا طير، وكيف جاءها الرد الحاسم القاطع منه بأن الأمر إلهيٌ وليس من تلقاء نفسه. فحينها وحينها فقط، اطمأنت هاجر إلى أنهما في حفظ الله ورعايته، حتى لو كانت في بيئة أسوأ مما هما فيها تلكم اللحظة.يقين هاجر كان راسخاً كجبال مكة، لم يهتز.. فاستشعار معية الله كان هو الأساس كما أسلفنا، في حصول وانتشار الأمن والأمان بنفسها، وإن غياب ذاك الشعور، غيابٌ للأمان، ولو كان أحدنا في حصن حصين تحيطه جيوش وأسلحة ومخابرات واتصالات وأقمار اصطناعية وغيرها من أسلحة ووسائل الحماية والأمن.. فكن مع الله، يكن الله معك.. ومن يكن الله معه، من سيتجرأ على إيقاع أذى أو شر به أو بها؟الإجابة وبكل تأكيد، أنت أدرى الناس بها.