15 سبتمبر 2025

تسجيل

قافلة الحب والحنين

12 أبريل 2015

كان يبدأ كل شيء مع أذان الفجر الذي يرفعه أحد البحارة ليستيقظ جميع من على ظهر المركب بما فيهم النواخذة وذلك للصلاة، ومن ثم يتناولون التمر والقهوة وبعدها يبدأ الغوص، حيث ينزل الغواصون إلى البحر واضعين على أنوفهم (أفطام) وهو يشبه الملقط ليمنع دخول الماء إلى الأنف كما يربط الغيص في إحدى رجليه (الحصاه) وهي عبارة عن حجر أو رصاص يصل وزنه من 10 إلى 14 رطلاً وذلك للإسراع به في النزول إلى الماء فإذا وصل نزعها من رجله فيسحبها السيب بواسطة حبل يطلق عليه (الزيبن) كما ينزل الغواص إلى الماء ومعه (الديين) وهي السلة المصنوعة من الحبال يضعها الغواص في رقبته يجمع فيها المحار وتكون مربوطة من خصره بحبل يسمى (البدا) وهو الذي يهزه عندما يريد أن يخرج من الماء لتصل الإشارة إلى السيب الذي يقوم بسحبه من الماء ويستمر بقاء الغواص في الماء دقيقتين أو أكثر حتى ينقطع التنفس ويصبح البقاء مستحيلاً تحت الماء وتسمى كل مرة ينزل فيها الغواص إلى البحر (تبه) وتستمر هكذا عملية الغوص حتى تغيب الشمس، إنه مشهد يختصر حكاية حياة عاشها الآباء والأجداد في شقاء ومعاناة وتعب الترحال والأسفار، هي حكاية الحنين حكاية الزمن الأجمل من كل الأزمان، رحلة المغامرة والمشاركة والتعاون والقلب الواحد (سنيار) قافلة من المحامل ترحل عبر الموج، رحلة السفر بين السماء والأرض ولا شيء بينهما سوى تلك الوجوه المسمرة بشمس التعب والانتظار والتطلع دوما صوب الشواطئ البعيدة حيث الأهل والأحبة.. تعود فعالية سنيار لتعيد إلينا ذلك الزمن الذي يملؤنا الحنين إليه إلى حد مؤلم حيث لم تكن رحلة الغوص بتلك الرحلة العادية بل كانت في ظل ظروف صعبة وبوسائل بدائية جداً بين متاهات البحار وصراع الموج والريح يعود سنيار ليكون مدرسة لأبناء الجيل يدرسهم من جديد مهنة الغوص، مهنة الرجال الأشداء، حيث كانت هذه المهنة أساس الاقتصاد في ذلك الحين فلم تكن أهوال البحر ومخاطره تمنعهم من البحث عن مصدر الرزق فكانت ''الدانة'' هي المبتغى، سنيار يأتي ليأخذ أبناءنا إلى أحضان البحر في رحلة تروى من خلالها حكاية من سبقوهم في أحضان هذا البحر، البحر برجاله وحكاياته وأغنياته وكلماته وألحانه، البحر ذلك الموروث الذي احتضن ثقافة أهل البحر ليخلدها في حكاية ستظل تروى للأجيال بلا انتهاء.