12 سبتمبر 2025
تسجيلرأى الساسة البريطانيون والفرنسيون أن السماح لمحمد علي بتوجيه جيوشه إلى الشام ثم الأناضول يخدم مصالحهم للتصدي للنفوذ الروسي المتزايد في أملاك الدولة "الخلافة العثمانية" وقد لقي هذا التوجه ترحيباً من محمد علي لخدمة أهداف أسياده البريطانيين خصوصاً، ومما يدعم وجهة النظر هذه أن انجلترا عارضت بشدة مشروع محمد علي في تنفيذ العرض الفرنسي بغزوه للجزائر لحسابهم قبل هجومه على الشام بعام واحد، وهددوه بالهجوم على أسطوله وجيشه إذا هو أقدم على مثل هذه العملية، الأمر الذي دعاه إلى التراجع عن التنفيذ على الرغم من أن محمد علي عقد اتفاقية بهذا الخصوص مع الفرنسيين وهو أمر يؤكد على أن محمد علي ترك احتلال الجزائر بسبب ضغط بريطانيا ومخططاتها وكان ذلك يساعد بريطانيا في عرقلة النفوذ الروسي المتزايد في المنطقة، وعلى أية حال فقد حاول محمد علي أن يخفي حقيقة دوره وأن يتذرع بأسباب سطحية يبرر لها هجومه على الشام مثل إيواء "عبدالله باشا" والي عكا 6 آلاف من المصريين الفارين هرباً من التجنيد في جيش محمد علي خلال عام 1831م، فقط ورفضه إعادتهم، وكذلك قيام "عبدالله باشا" بعمليات ابتزاز للتجار التابعين للباشا، وكتب محمد علي إلى الباب العالي يبلغه بقيامه بمهاجمة "عبدالله باشا" لهذا السبب، ورد عليه الصدر الأعظم ما يدل الباحث على مدى الضعف الذي كانت عليه الدولة العثمانية وعدم قدرتها على التصدي لمحمد علي فقال: "إن شكوى بعض التجار لا يمكن أن تسوغ تحكيم الحسام وإشعال النار والحرب، وأن ما ينشب من نزاع بين الباشاوات المتجاورين لا يمكن أن يسوى بإشهار السيف بل بتدخل الباب العالي، ولم يقتنع محمد علي بما قاله الصدر الأعظم ودفع جيوشه بقيادة ابنه إبراهيم باشا وقام الموارنة بدعم جيش محمد علي والوقوف معه وكان الفرنسيون يشجعون الموارنة المسيحيين بالوقوف مع إبراهيم باشا وأمدوهم بالسلاح، وأعلن نصارى بلاد الشام، أن إبراهيم باشا صديق لهم، وأبدوا استعداداً تاماً لمساعدته، كما أن إبراهيم باشا قد ألغى كافة القيود المفروضة على النصارى واليهود فقط في كل بلد سيطر عليه تحت دعوى المساواة والحرية وهي دلائل قوية في تأثر إبراهيم باشا بالمحفل الماسوني عليه ودور هذا المحفل – التابع لفرنسا – في دعم أطماعه وأطماع أبيه.