19 سبتمبر 2025

تسجيل

دول الساحل وصراع الكبار

12 أبريل 2012

لقد ظهرت في دول الساحل وبالأخص مالي والنيجر أحداث على أجهزة الإعلام بشكل مفاجئ صراعات وأحداث سياسية وأمنية من قبل جماعات متطرفة وكذلك الطوارق ولكن لم يتم السؤال عن السبب الحقيقي وراء هذه الأحداث وكان آخرها انقلاب مالي. الحقيقة التي يخفيها الساسة الكبار الذين يتحكمون بمصائر الدول أن هذه الدول فيها ثروات كبيرة من اليورانيوم وأخيراً ظهر البترول فيها والشركات الغربية التي تعاني من أزمات بعد الأزمة الاقتصادية يسيل لعابها لهذه الثروات التي يريد الغرب أن تبقى مركز نفوذ ولا شك أن النيجر ومالي ومعهما السنغال والكاميرون وغينيا وتشاد دول مليئة بالثروات إلا أن الصراع بين الفرنسيين والأمريكيين وأخيرا ظهر الصينيون كطرف منافس يريدون أن يصلوا ويستحوذوا على الكيكة الصفراء كما يقال. وهذه المناطق التي يعيش سكانها تحت خط الفقر وظروفهم قاسية بل وصلت إلى حد المجاعة في بلاد كالنيجر بسبب الجفاف وفشل تلك الحكومات في إيجاد مشاريع تنموية بديلة والنهوض بتلك البلدان مما أدى لظهور المجاعة والفقر والأمراض ومعاناة الأطفال وموت الثروة الحيوانية كل هذا وهناك شركات أجنبية تأخذ وتنفرد وتستغل الأسماك الشهية يستمتع بها الغرب. إن الغربيين الذين يعيشون في بيوت وحدائق وحياة رفاهية يريدون استمرار هذه الحياة وهذا لا يكون إلا بثروات هذه الدول كما أن وجود حكام أصبحوا متورطين مع هذه الشركات وحصولهم على امتيازات شخصية وثروات لهم ولأسرهم وبيوت دون شعوبهم التي تموت جوعاً وفقراً بالداخل أو في قوارب الموت ورحلات لتجار تهريب البشر إلى أوروبا إما في صحاري تونس والجزائر أو في أمواج البحر أو غيره شيء محزن وقصص لا يصدقها العقل لمعاناة هؤلاء الذين يصلون إلى أوروبا ويعيشون وهم في ظروف صعبة يستغلون بسبب وضعهم غير القانوني الذي يحرمهم من حصولهم على حقوقهم. اليوم صراع فرنسي-أمريكي، ففرنسا لا يمكن أن تسمح بمثل هذا التدخل والتسلل للنفوذ الصيني أو الأمريكي فهي ذات النفوذ تستخدم هذه الإمكانيات ولها قوات في مستعمراتها السابقة لساحل العاج وتشاد لتحمي مصالحها لذا وجد صراع حقيقي خفي. ولكن هذه الدول لتصل لهذه الثروات ما المدخل، الجواب ببساطة صناعة الإرهاب وصراع قبلي وان مات تبرر تدخل هذه الدول تحت مسمى الحماية وإقرار السلام والأمن الدوليين ومجلس الأمن جاهز لهذا الشيء. وللأسف فإن الدول العربية قد أهملت هذه الدول التي تعتبر عمقاً استراتيجيا لها وكان الملك فيصل قد قام بدور كبير في كسب هذه الدول والاهتمام بها لمنع الاختراق الإسرائيلي وبعد فترة قامت مشاريع مبتعثين من تلك الدول وأنشئت جامعة النيجر وغيرها وبدأت ولكن الحماس قل وتركزت الجهود وانحصرت في المجال الإغاثي المحدود بعد أن أبرزت منظمة اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي حجم معاناة تلك الدول وكان المسلمون ينتظرون برنامجاً تنموياً شاملاً يساعد تلك الدول من خلال برامج استثمارية وبدائل تنموية ذاتية لاستغلال الثروات ودور واسع في كافة المجالات، إضافة لبرامج التعليم والثقافة والمحافظة على الهوية الإسلامية حيث قلصت البعثات الإسلامية الجامعية لهذه الدول وأصبح التبشير والفرانكفونية التي يرأسها عبده ضيوف وأمثاله من المتفرنسيين. يبذلون جهودكم ويستغلون الفراغ الفكري والثقافي أضف لذلك دور بعض الدول ذات النزعات الطائفية وأفكار الامبراطوريات القديمة تسعى لبث أفكارها وتبذل أموالاً وبمباركة غربية لتقديم إسلام مشوه فالجهود هناك تقوم على محاور ثلاثة وهي: 1- الفرانكفونية والعلمانية الغربية. 2- التطرف والفكر المنحرف الذي تدعو له جماعات الإرهاب. 3- الفكر الطائفي المنحرف المبني على تقديم الإسلام كمذهب صراعات تاريخية وحرب مع الماضي. هذا كله يخدم مصالح الغرب في منع هوية إسلامية تربط هذه الدول بالعالم العربي وتنتزع قيادة العرب والعالم الإسلامي لهذه الشعوب نحو العالمية الإسلامية ونحو هوية حضارية تعيد تاريخا مشرقا وكلنا نعرف ما هي تميكتو ودور تشاد والنيجر في تاريخ الإسلام ومساهمة السنغال في العلم والمعرفة والحضارة ونيجيريا التي قتل فيها رائد الهوية وبطل نيجيريا الشهيد أحمد وأبولو رئيس نيجيريا السابق ومعه الحاج أبوبكر تفاو الذين أرادوا أن يجعلوا النيجر متحررة وقلعة إسلامية حضارية فمتى يستيقظ الناس عندنا ومتى نبدأ مشروعاً حضارياً لهذه الشعوب ومتى نخرج من دائرة المساعدات الخيرية المؤقتة المسكنة كالبندول إلى إنقاذ هذه الشعوب ومتى نساعد هؤلاء الناس في الحفاظ على هويتهم وإعادة النشاط الدعوي والتعليمي ومتى تتحرك الإيسيسكو والبنك الإسلامي للتنمية في مشروع حضاري جاد نحو هؤلاء ومتى نبدأ علاقات متميزة معهم ونسعى لحمايتهم ودعمهم ثقافيا وفكريا ونبدأ حملة قوية لمساعدتهم ونقود برنامجا تنمويا فكريا تعليميا نحوهم ومتى نحميهم من أن يكونوا صيداً سهلاً لجماعات التطرف والإرهاب وللدول التي تحمل أفكارا منحرفة للإسلام لأغراض وأطماع وتريد أن تبني أطماعها على الجهود التي بذلناها. لقد قلتها لعدد من المسؤولين العرب والمؤسسات وناقشتها معهم وقلت لهم لقد بذلتم سنوات من الجهود والأموال وتركتم هؤلاء وسلمتم هذه الجهود على طبق من ذهب مجاني لخصومكم وانسحبتم بطريقة غير معقولة ومبررة آن الأوان للجميع أن يفكر باخواننا ونساعدهم ونشاركهم ونتكامل معهم.