12 سبتمبر 2025
تسجيلعندما تنتشر ثقافة الكراهية بين الشعوب تصبح هذه سمة سلبية في الوقت الذي نعيشه اليوم، بسبب تغييب دور الإعلام في ذلك وإبراز دوره الريادي في البناء والتنمية، هذا بالرغم من التطور الهائل لوسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وهو ما ساهم في خلق فجوة كبيرة في وقتنا الحالي بين الأفراد والجماعات في كل دول العالم. لقد أصبح الدين هو الشماعة التي تعلق عليها جميع التهم بالتقصير وضعف المبادئ، وان الدين الاسلامي — كما يقول البعض — هو الذي يجب أن يتغير ويساير العصر وثقافته الحية بما يخدم الحكومات والشعوب سواء كانت العربية منها أو الغربية، لأن نظرة بعض الحكومات والدول ما زالت قاصرة تجاه ديننا الاسلامي الحنيف بسبب عدم فهمه بالشكل الصحيح كما يدعون او يعلقون في وسائل الاعلام، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى عدم فهمه بالشكل الصحيح الذي جاء من أجله. إعلامنا مهزوم من الداخل ولا يخدم قضاياناواستطاعت شبكات التواصل الاجتماعي أن تسهم مساهمة كبيرة في نشر ثقافة الكراهية تجاه الاسلام والمسلمين، فاختلط الحابل بالنابل، ولم نعد نفرق بين المسلم وبين الإرهابي، رغم أن مصطلح الإرهاب بمفهومه الصحيح جاء بخلاياه ورموزه الأولى من خارج المحيط الاسلامي كما هو معروف. نحن لا نلوم الاعلام الغربي والعدائي للعرب والمسلمين الذي لا يفرق بين الظالم والمظلوم ولا بين القاتل والمقتول ولا بين المستعمر وصاحب الارض وبين المعتدي والمعتدى عليه، ولكن نلوم الاعلام العربي واعلام بلداننا الاسلامية التي استسلمت للحملات الاعلامية الشرسة التي تكذب وتلفق الحقائق وتفبرك المعلومات المغلوطة باسم الاسلام والمسلمين لتشويه سمعتنا وسمعة الدين الذي نحمله مع كل أسف. وسائل الإعلام تبني وتهدم العقول في نفس الوقت فلنتحرك لتصحيح المفاهيم الخاطئةنحن كعرب ومسلمين لا نحتاج إلا لفكر نير واسلوب عصري يتم توجيهه عبر وسائل الاعلام بأنواعه المختلفة، وكذلك من خلال شبكات التواصل لتقديم الاسلام للآخر بصورة واضحة بعيدا عن التزييف وقلب الحقائق، وهذا الشيء لن يتأتى إلا عبر مؤسسات اعلامية مخلصة تبتعد عن نشر الطائفية بيننا وعدم السماح لأعداء الكلمة الحرة بقلب الحقيقة وتحويلها عن مسارها الصحيح. وهذا يتطلب البعد عن الغلو والتطرف بما يسهم في البعد عن التشدد ونشر ثقافة التسامح. وهنا تحضرني مقولة لأحد الكتاب، يقول: تتزايد معاناة المجتمعات الاسلامية، عامة، والعربية — خاصة، من تصاعد موجات الفكر المتطرف، وهي وإنْ اختلفت في حجمها ومستواها ووحدتها من مجتمع إلى آخر إلا أنه يجمعها فكر واحد، هو فكر الغلو والتشدد والكراهية، والذي تحول في العقدين الأخيرين إلى سلوكيات عدوانية وصلت إلى ترويع مجتمعاتنا واستهداف الآمنين من المدنيين الأبرياء، عبر المنازلة المسلحة للدولة، وتفجير النفس في الآخرين، بهدف زعزعة الاستقرار، وبث الرعب وصولا إلى أهداف سياسية. يجب أن نتعلم كيف نختلف ولا نتخاصم أو يجرّح بعضنا بعضاً لترسيخ ثقافة المحبةويضيف: الاستبداد مرض خطير لكنه في الارض العربية هو أحد إفرازات (ثقافة الكراهية) وذلك لا يكون إلا بإعلان (القطيعة المعرفية) مع الينابيع المسمومة والروافد التي تغذي تلك الثقافة.. يجب أن نتعلم كيف نختلف دون أن نتخاصم أو يجرّح بعضنا بعضاً، وأن يتحلّى كل طرف بشجاعة الاعتراف بأخطائه تجاه الآخر، ومن ثم يسعى مخلصاً لتصحيحها عبر النقد الذاتي وآلية المحاسبة والمراجعة المستمرة، ومن ثم — أيضاً — تكون عنده الشجاعة للاعتذار، فذلك هو الذي يرسخ (ثقافة المحبة) بدلاً من (ثقافة الكراهية). في الختام: نتمنى ان نبدأ مشروعنا الإعلامي بشكله الصحيح، لا بشكله المهزوم الذي يعيش بيننا ويزرع الفتن والشقاق بشكل مزعج لا يخدم شعوبنا ولا يقدم للآخر، بما يجعلنا أصحاب الحق والدين الصحيح الذي اختير له بأن يكون آخر الأديان السماوية إلى أن تقوم الساعة. كلمة أخيرة: نريد من مؤسساتنا الإعلامية والثقافية أن تزرع الثقة في نفوس المتلقين وتقديم هذه الحقائق بصورة واضحة تقوم على الإقناع والتنوير دون مساس بالثوابت.