12 سبتمبر 2025

تسجيل

الإهمال العاطفي

12 مارس 2014

الإهمال العاطفي باختصار هو سوء معاملة الطرف الآخر على مستوى مشاعره وعواطفه وتجاهل احتياجاته والتي تتعلق برغبته في التعبير ورغبته في إيجاد مساحة كافية له للإنصات إلى كل ماداهم قلبه وفكره، وهو تعاطي سلبي يعكس سوء فهم وسوء تقدير لحاجات الطرف الآخر على وجه العموم.وهو بذلك مصدر هام وسلبي للقلق والشعور بالإحباط وخيبة الأمل وعدم الشعور بالأمان. كما أنه مسبب قوي لإضعاف العلاقات الإنسانية وتهديد استقرارها ونجاحها.ويلجأ الكثيرون لممارسة أسلوب الإهمال العاطفي كسمة متماشية مع باقي سمات الشخصية التي تتمحور حول: * التمركز حول الذات* الأنانية والذاتية في الإدراك* انخفاض القدرة على تحمل المسؤولية* انخفاض القدرة في تفهم انفعالات الآخرين* اللامبالاة* العدوانيةولعل من أسوأ مجالات ممارسة أسلوب الإهمال العاطفي عندما يمارسه بعض الآباء كأسلوب في التربية حيث يتجاهل البعض التكوين النفسي للطفل ويهمل بذلك احتياجه الحقيقي والملح للحب والاستحسان والقبول والتفهم والتقبل والتشجيع وبذلك يفقد الطفل شعوره بالأمان ويستمر عدم الشعور بالأمان ليتحول كسمة في شخصيته تستمر معه لحين بلوغه. حتى يصبح الخوف والقلق والعدوان والانسحاب أحيانا وسائل تواصل مع المجتمع والآخرين من حوله إذ يجد نفسه مجبراً عليها بحكم طبيعة التنشئة النفسية التي تجردت من ثقافة الاهتمام والرعاية.وفي مرحلة الطفولة يتمثل الإهمال العاطفي في عدم التجاوب مع شكاوي الطفل وآلامه الجسدية (كآلام أسنانه أو آلام البطن المتكررة)، كما يظهر الإهمال العاطفي في مرحلة الطفولة في تجاهل مناقشات الطفل وأحاديثه وخبراته التي يميل للحديث عنها، كما يظهر في التنصل من حماية الطفل من نماذج العدوان التي قد تصادفه سواء في المدرسة أو مع أقرانه.إن الإهمال العاطفي مأساة مركبة فهو كما يهدد علاقة الفرد مع عالمه الخارجي سواء على المستوى الاجتماعي أو المهني يهدد عالم الفرد الداخلي ويعيق مستوى تعايش الفرد مع ذاته ومع متطلباته الخاصة والتي لا يجيد فهمها إلا هو.ويظهر الإهمال بصورة تأجيل رغبة الطرف الآخر دون أسباب ومبررات واضحة وبطريقة تتعارض مع توقعاته وآماله من العلاقة القائمة.أو يظهر الإهمال بصورة رفض رغبة الطرف الآخر وعدم التعامل معها بإيجابية مما يقود الطرف الآخر لقمعها أو كبتها لتظهر بصورة قلق أو عدوان أو إحباط كردة فعل لاشعورية للتجاهل العاطفي.ولعل صورة الإهمال العاطفي تظهر بوضوح في بعض العلاقات الزوجية. حين يعيش أحد الأطراف أو كلاهما في عالمه الخاص والمنغلق. فيتمادى في الأخذ ويصيغ العلاقة بأسلوبه وطريقته التي تخدم متطلباته وقناعته التي لا تتجاوز حدوده الذاتية. وبذلك يفقد الطرف الآخر ومع الوقت القدرة على التعايش والتكيف داخل علاقة أحادية تفتقد ثقافة التبادل والاهتمام والاحترام والاعتراف بأحقية الطرف الآخر.فبينما يتشبع أحد الأطراف بالعطاء يركض الآخر عبثا يبحث عن لحظة اهتمام يرتوي من خلالها عاطفياً، ويرجع البعض أن أحد أسباب لجوء الأزواج للخيانة الزوجية هو الإهمال العاطفي وانعدام التناغم بين عاطفة الزوج والزوجة. كما أشارت الكثير من الأبحاث النفسية في مجال العلاقات الزوجية أن الإهمال العاطفي خطوة عملية نحو الطلاق العاطفي والذي قد ينهي الزيجات في أغلب الأحيان بصورة غير مريحة وغير مرضية ومؤلمة للطرف المتضرر والمنهك عاطفياً.إن العاطفة كالنبتة تماماً تذبل وقد تموت في بيئة جافة لا تفهم أبجدياتها النفسية، والعاطفة في بيئة تقدر معنى المودة تجد طريقها في تحقيق ذات كل الأطراف وتحقيق الاكتفاء لكل طرف.إن العاطفة ثقافة يحتاج الجميع لها دون استثناء حتى من لا يجيد تقديمها وذلك الذي لا يعترف بها. إنها منهج يحقق النمو النفسي السليم والذي ينعكس بشكل أو غير مباشر في سلوك الإنسان ومزاجه.