10 نوفمبر 2025

تسجيل

كيف استخدمت المقاومة الفلسطينية قدرتها السيبرانية في حرب غزة؟

12 فبراير 2024

لطالما أخذت الصراعات بين إسرائيل وحركة حماس منحى جديدًا في الفضاء السيبراني، حيث يشهد التصعيد الرقمي تكثيفًا ملحوظًا، فالحروب لا تقتصر على الأرض فقط، بل تنتقل إلى معركة صامتة، حيث تُشن هجمات سيبرانية مستمرة ويتسارع استخدام التقنيات التكنولوجية الرقمية للاستيلاء على المعلومات أو تعطيل البنية التحتية المرتبطة بالفضاء السيبراني. إلى اليوم، ما زالت مراكز الأبحاث الإسرائيلية حائرة حول الكيفية التي دخلت فيها المقاومة إلى غلاف غزة في السابع من أكتوبر 2023؛ لكن هناك تقديرات وازنة بأن الهجوم العسكري تزامن مع «طوفان سيبراني» فلسطيني عطّل بعض الكاميرات وأجهزة المراقبة دون أن يتم رصده في الساعات الأولى. وكما هو معروف يجرى توظيف البيئة السيبرانية من خلال استخدام البعد الصلب والبعد الناعم انطلاقاً من فرضية أن من يمتلك القوة السيبرانية يصبح أكثر قدرة على ممارسة القوة والتأثير في سلوك المستخدمين للفضاء السيبراني. وبالتالي فقد كان واضحاً استخدام المقاومة الفلسطينية البعد الصلب في الفضاء السيبراني من خلال: 1. الهجمات السيبرانية والتي تتيح للأطراف غير المتماثلة في القوة فرصة للتأثير. إذ تجلت الهجمات السيبرانية في هذه الحرب قبل إطلاق أول رشقة صاروخية من قطاع غزة، واستهدفت بشكل رئيس الأنظمة التشغيلية لمنظومة «القبة الحديدية»، وأوقفت عملها لأكثر من خمس ساعات. 2. ضرب أبراج الاتصالات وقطع كوابل الإنترنت مما تسبب في تعطيل الاتصالات والتواصل بين مختلف أنظمة الدفاع والمراقبة. 3. اختراق السيرفرات والخوادم والسيطرة على مراكز تخزين البيانات، واختراق هواتف جنود إسرائيليين وقرصنتها قبيل عملية طوفان الأقصى. 4. استهداف تطبيقات صفارات الإنذار التي ترسل إلى الإسرائيليين إشعاراً بوجود هجمات صاروخية وخطر قريب، وعطلتها بالكامل طوال فترات الهجمات الصاروخية. 5. شن هجمات الحرمان من الخدمة على العشرات من المواقع الحكومية والخدمية الإسرائيلية، استمرت هذه الهجمات حسب موقع Cloud flare لمدة ست دقائق وبلغت ذروتها مليونا و100 ألف طلب في الثانية. وعلى صعيد البعد الناعم في القوة السيبرانية فقد كان واضحاً عبر التأثير في الرأي العام وبث الدعاية والحرب النفسية وذلك من خلال: استخدام شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي لبث عمليات المقاومة وخطاباتها والاشتباكات المسلحة على أرض الميدان، ونشر مقاطع فيديوهات خاصة بالأسرى الإسرائيليين من أجل التأثير في الرأي العام العالمي ولجذب الدعم والأنظار لما يحدث في القطاع. ودحض السردية والرواية الإسرائيلية (خاصة فيما يتعلق بصور قطع الرؤوس واغتصاب النساء وحرق الأطفال)، ونقل حقيقة ما يجري في قطاع غزة للعالم الغربي. هناك دور لا يمكن تجاهله للوكلاء السيبرانيين Cyber Agents هذه الفئة تعتبر جزءاً من أدوات القوة السيبرانية وتهدف إلى نشر الوعي وتعزيز التضامن مع القضية من خلال (التوعية وتنظيم حملات رقمية تستهدف تعزيز الضغط الدولي وممارسة هجمات القرصنة والتلاعب السيبراني، الهجمات السيبرانية والتي ظهرت في هذه الحرب عبر تعطيل مواقع الإنترنت أو استهداف البنية التحتية الرقمية لإسرائيل، مثل: مجموعة «كيل نت» (Killnet) الروسية، وأنون غوست « (Anon Ghost) الإيرانية، ومجموعة «أنونيموس الجزائر».. وغيرها. ما يمكن استنتاجه مما تقدّم أن القوة السيبرانية تعتبر أحد عوامل مضاعفة قوة الدول والفواعل من غير الدول مثل حركات المقاومة والتحرر، وممارسة النفوذ، وتحقيق التفوق، والفاعلية والتنافس. وحقيقة مساندة للقوة التقليدية مكملة وداعمة لها في تحقيق الأهداف وليست بديلة عنها. ومما دلت عليه الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأن هناك دوراً مهماً للفضاء السيبراني والقوة التي أسس لها حيث كان لهذا الفضاء بعد في تشكيل نتائج هذه الصراع الذي يجري بموازاة دوي الدبابات والمدافع. إن الفضاء السيبراني يعتبر بشكل عام فرصة حيوية للجهات ذات الإمكانيات المحدودة التي تعاني من نقص في الموارد مثل الفواعل من غير الدول، حيث يمنحها هذا النطاق فرصًا للتنافس مع الدول ذات القدرات السيبرانية الأكبر. يتجلى هذا بشكل خاص في تزايد رغبة هذه الجهات في اكتساب قدرات هجومية ودمجها ضمن أدواتها السائدة، بهدف تعزيز أهدافها الاستراتيجية وتعظيم قوتها الصلبة وقوتها الناعمة وزيادة تأثيرها في البيئات التشغيلية الأخرى، البر، البحر، الجو، والفضاء الخارجي.