19 سبتمبر 2025
تسجيلالقطريون يعرفون بحبهم ووفائهم لهذه الأرض سواء كان ذلك في السرّاء أو في الضرّاء الفقيدة من القطريات الأوائل اللاتي أظهرن الولاء لتميم المجد في ظل الحصار الجائر منذ وقع الحصار الجائر والظالم ضد دولة قطر حكومة وشعبا في الخامس من يونيو 2017 م والشعب القطري كان يظهر تكاتفه وتعاطفه من الوطن وقائد هذا الوطن لأجل الدفاع عن الأرض وعن القيم والمبادئ التي ينشدها " تميم بن حمد " راعي المسيرة وباني نهضتها .. وهذا التلاحم بين الحاكم والمحكوم كان أنموذجا يفخر به كل قطري وفي ومخلص يقيم على ارض العطاء والنماء .. قطر الحبيبة . وإذا كانت قطر تعتز بكل امرأة مخلصة ووفية لوطنها في هذا الحصار المفتعل ، إلا أن السير لأمثال هذه النماذج قد تطول في حصر مناقب من أحب الوطن وأمير الوطن في هذه الظروف العصيبة . وبالرغم من ان الحصار جاء بمؤامرة مفتعلة ضد قطر وقائدها ، الا انها كانت مؤمنة بقضاء الله وقدره تجاه ما حدث ، وان الله سينصر المظلوم عاجلا أو آجلا ، لأن الظالم لابد وان ينال عقابه في الدنيا والآخرة . فمع بداية الحصار : فوجئ كل أهل قطر بمقطع فيديو قصير عبر الهواتف النقالة وشبكات التواصل الاجتماعي ، لا يتعدى عدة دقائق تحدثت فيه إحدى نساء قطر وهي تفخر بوطنها وتعتز بقائد هذا الوطن وأميرها الصامد الشيخ " تميم بن حمد آل ثاني " ، وكانت تردد عبارات حماسية ووطنية ملهمة في حب قطر ورمزها الشامخ والوفي (باللهجة الدارجة) .. إنها الوالدة الفقيدة " حصة عبدالله إبراهيم الجفيري " رحمها الله . كانت حصة الجفيري : ذلك الأنموذج الوفي لهذا الوطن في غمرة هذه الأحداث الدامية التي تمر بها قطر حكومة وشعبا .. فقد أحبت وطنها حتى النخاع .. واعلنت افتخارها واعتزازها بتميم المجد الذي وجدت فيه صفات القائد المحنك لقيادة السفينة والسير بها الى بر الامان لانها تؤمن بأن الله سيكتب له النصر والظفر ضد كل من تآمر عليه في هذه الأزمة المفتعلة ... وكانت كذلك " حصة الجفيري " بمثابة المرأة التي لا تعترف بالهزيمة أبدا .. وان من تآمر على شقيقه وقريبه لتحقيق بعض المكاسب الدنيوية سيهلك لا محالة بسبب سوء النوايا والدسائس التي دبرت ضد قطر .. وهو ما زادها صمودا وعزة في وجه كل خسيس حاول النيل منها ومن قيادتها ... ولهذا فمثل " حصة الجفيري " التي غادرتنا إلى الآخرة يوم أمس ستبقى في سجل النساء المخلصات في ذاكرة قطر إبان الحصار .. وسيتذكرها كل أهل قطر صغارا وكبارا اليوم وفي المستقبل كأنموذج لا ينسى ابدا .. بل سيكون محفورا في قلوب الجميع حتى تنتصر قطر حكومة وشعبا على كل المعتدين والحاقدين ضدها ؟!! . معاصرتها لمجتمع الغوص على اللؤلؤ : ولدت الفقيدة حصة الجفيري حوالي عام 1930 م ، ويقال عام 1929 م أو 1928 م في مدينة الدوحة ، أي أن عمرها عند وفاتها يناهز ما بين 88 - 90 سنة تقريبا ، وهي تنتمي لأسرة عاصرت مجتمع الغوص على اللؤلؤ وحياة التجارة والطواشة في شؤون اللؤلؤ في عهد حاكم قطر الراحل الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني وابنه الراحل الشيخ حمد بن عبدالله بن جاسم آل ثاني ... وللفقيدة من الأبناء : المحامي عبدالرحمن بن محمد الجفيري والسكرتير العام في مجلس الشورى القطري سابقا ، ومحمد بن محمد الجفيري الذي شغل منصب مدير القروض العقارية في بنك قطر الوطني سابقا ، وابنتها هي الفاضلة سارة بنت محمد الجفيري التي شغلت منصب رئيسة التعليم بوزارة التربية والتعليم .. والفقيدة حصة الجفيري هي خالة السيدة الفاضلة شيخة الجفيري نائب رئيس المجلس البلدي في قطر وهي أول امرأة قطرية تعمل في المجلس وتقتحم الحياة البرلمانية بعد تأسيسه سنة 1998 م . ووالدها احد المعاصرين للغوص وحياة البحر قبل اكتشاف النفط ، وهو الطواش المعروف عبدالله بن إبراهيم الجفيري ، وعمها هو النوخذا والطواش الشهير في مدينة الدوحة محمد بن إبراهيم الجفيري ، حيث يعرف عن النوخذا محمد الجفيري إسهاماته الكبيرة في العمل خلال حياة الغوص وتفوقه فيه خاصة انه من مواليد القرن التاسع عشر الميلادي وكانت وفاته حوالي سنة 1977 م عن عمر ناهز المائة عام تقريبا ، وكان ذلك في عهد الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني حاكم قطر المتوفى سنة 2016 م ... وكان محمد الجفيري يمتلك بعض سفن الغوص على اللؤلؤ منها : سفينة (الطالبي) وهي من نوع السنبوك واشتراها من الكويت ، وكذلك لديه سفينة تسمى (سمحة) ، وسفينة اخرى نالت شهرة واسعة في ايام الغوص بمدينة الدوحة واسمها (مقديم) واشتراها من تاجر اللؤلؤ الشهير خالد بن محمد الغانم المعاضيد (والد سعادة عبدالعزيز بن خالد الغانم أول رئيس لمجلس الشورى القطري) .. وعرف عن النوخذا والطواش محمد بن إبراهيم الجفيري انه كان بمثابه النوخذا او الربان الخاص لسمو الشيخ حمد بن عبدالله آل ثاني في سنبوك (فتح الخير) الذي يعد اليوم احد معالم التراث البحري في متحف قطر الوطني .. وكانت تربطه بالشيخ عبدالله بن جاسم علاقة صداقة قديمة من أيام الغوص ، حيث يذكر الرواة بأن الشيخ عبدالله كان كثير المرور على النوخذا والطواش محمد الجفيري خاصة عندما كان يأتي من قصر الريان ذاهبا إلى قصره في (شرق) الذي هو حاليا متحف قطر الوطني ... وتذكر الروايات أيضا بأن الطواش محمد الجفيري حصل على حصباة (من انواع اللؤلؤ) غالية الثمن ، وقد باعها إلى حاكم قطر الشيخ عبدالله بن جاسم آل ثاني بقيمة 40000 (أربعين ألف ربية ) في ذلك الزمن الجميل .. ويقال كذلك بأنه أثناء عمل محمد الجفيري على ظهر سنبوك (فتح الخير) للشيخ حمد بن عبدالله كان الجفيري يأخذ معه في نفس السفينة أبناء الشيخ حمد بن عبدالله ، من أبنائه الصغار ، ومنهم الشيخ محمد بن حمد وخليفة بن حمد . اما النوخذا والطواش عبدالله بن ابراهيم الجفيري فقد عاصر الغوص ، وامتلك بعض السفن .. منها سفينة تسمى (التقي) وهي من نوع السنبوك كما تذكر المصادر ، وقد كانت وفاته في حقبة الستينيات من القرن الماضي عليه رحمة الله .. وهناك شقيق ثالث لمحمد وعبدالله وهو الطواش والنوخذا حسن بن ابراهيم الجفيري ، ويعد الأكبر سنا من بينهم وكانت وفاته حوالي سنة 1933 م عن عمر ناهز 95 سنة تقريبا أي انه من مواليد الثلث الأول من القرن التاسع عشر الميلادي . وطني أحبّك لا بديل : رحيل الفقيدة " حصة الجفيري " خيم بحزنه العميق يوم امس على كل بيت قطري .. وجاء رحيلها ليؤكد على مصداقية قلبها النقي والوفي في حب قطر العز والكرامة .. وجاء كذلك مواكبا ومكملا لقول الشاعر الذي أحب وطنه حتى النخاع .. عندما قال : وطني اُحِبُكَ لا بديل أتريدُ من قولي دليل سيظلُ حُبك في دمي لا لن أحيد ولن أميل سيظلُ ذِكرُكَ في فمي ووصيّتي في كلّ جيل حُبُ الوطن ليسَ إدّعاء حُبُ الوطن عملٌ ثقيل ودليلُ حُبّي يا بلادي يشهد به الزمنُ الطويل فأنا أُجاهِدُ صابراً لأحققَ الهدفَ النبيل عمري سأعملُ مُخلِصا يُعطي ولن اُصبح بخيل وطنيّ يا مأوى الطفولة علمتني الخلقُ الأصيل قسما بمن فطر السماء ألا اُفرِّطَ َ في الجميل فأنا السلاحُ المُنفجِر في وجهِ حاقد أو عميل وأنا اللهيب ُ المشتعل ولِكُلِ ساقط أو دخيل سأكونُ سيفا قاطعا فأنا شجاعٌ لا ذليل عهد عليّا يا وطن نذرٌ عليّا يا جليل سأكون ناصح ُمؤتمن ولِكُلِّ من عشِقَ الرحيل كلمة أخيرة : حصة الجفيري .. عاشت حياة البساطة .. ورغم مرضها إلا أن حبها لتميم المجد وللشعب القطري ولهذه الأرض أثناء الحصار ، ولد في داخلها الكثير من الطاقات تجاه قطر .. فقد ولدت وترعرعت فيها .. وكانت جنازتها بالأمس مهيبة .. حيث حضر كل من أحبها من المواطنين والمقيمين لتوديعها الوداع الأخير ، عليها رحمة الله .. فإلى جنان الخلد يا أم الجميع .. وإنا لله وإنا إليه راجعون .