17 سبتمبر 2025

تسجيل

دول الخليج.. بين استمرار الإنفاق أوالتقشف

12 فبراير 2015

تداعيات التراجع الشديد في أسعار النفط تلقي بظلالها على الموازنات المالية لعام 2015، بما يفرض على الدول المنتجة ومنها دول الخليج نمطا جديدا من التفكير حول الاستمرار في معدلات الإنفاق في ميزانيات عام 2014، أو إعلان التقشف والحد من الإنفاق والترشيد، وهما من الخيارات الصعبة أمام متخذ القرار، خاصة أن المواطن الخليجي متعود على نمط استهلاكي وترفيهي متميز، سيكون من الصعوبة القبول بالتراجع عنه بسهولة، حتى في ظل تردى أسعار النفط إلى أكثر من %30 منذ ست سنوات، ليصنع بذلك معادلة صعبة تتمثل في ضرورة المحافظة على سيناريوهات ثلاثة من حيث المحافظة على مستوى الإنفاق السائد وتقديم الخدمات كاملة وعدم توقف أو تأجيل الاستثمارات الجديدة أو المشروعات القائمة، كبح جماح التضخم والتصدي لارتفاع السعار، ثم عدم تحميل المواطن أعباء إضافية، في مواجهة خفض الإنفاق أو السحب من الاحتياطيات المالية الضخمة التي تكونت على مدى سنوات، أو التوسع في الاقتراض من الداخل والخارج، أو كل هذه السيناريوهات مجتمعة، خاصة أن التقارير المتخصصة ترى إمكانات النمو في أكبر الاقتصادات العالمية وأكثرها تأثيرًا في ضوء نتائج أدائها واتجاهاتها الاقتصادية في العام الماضي، في ظل قدرة احتمال الاقتصاد الأمريكي الظاهرة، في الوقت الذي تعاني فيه بقية دول العالم من النمو البطيء والانكماش، واستمرار التراجع في منطقة اليورو، والتأثير السلبي للتراجع الحاد في أسعار النفط على اقتصادات بعض الدول المنتجة للنفط ومنها روسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا وبعض دول مجلس التعاون الخليجي؛التي سيتغير مركزها المالي العام،نتيجة لعوامل العرض النفطي العالمي، في مقابل استفادة الدول المستهلكة للطاقة، كالهند وإندونيسيا وتركيا والصين، ومما يؤكد ذلك أن المملكة العربية السعودية أفصحت عن توجهاتها باعتمادها لخيار السحب من احتياطياتها، حيث إن معظم منطقة الخليج العربي تملك احتياطيات ضخمة، حيث جمعت دول الخليج احتياطات مالية بـنحو 2450 بليون دولار تراكمت خلال السنوات الأخيرة بفضل ارتفاع أسعار النفط الخام، إلى جانب التمتع بنسب دين عام متدنية أو معدومة، وهذا يساعدها على تحمل العجز في ميزانياتها لفترات أطول، وكذلك أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن رفضها لخفض الإنتاج حتى مع تراجع أسعار النفط، ما يعتبر بمثابة الدليل على امتلاكها هامش من الاحتياطيات المالية التي تمكنها من الصمود، كما تعتبر قطر والكويت الأقل عرضة للتأثر بتراجع أسعار النفط نتيجة لفوائضهما الضخمة وأسعار التعادل النفطي المنخفضة فيهما، وكذلك تتجه ميزانية سلطنة عمان إلى التفاؤل، وقدرتها على التوازن النسبي، برغم التحديات والمخاطر غير المتوقعة نظرا لاعتمادها على النفط بشكل أساسي، الأمر الذي قد يجعلها تفكر كثيرا في البدائل المتاحة،ومنها التضييق على الإنفاق والترشيد الشديد،والتوسع في برامج رفع الدعم عن الطاقة وغيرها من المجالات الأخرى، لأن المخاوف قد تزداد مع الانخفاض المطرد في أسعار النفط التي يمكن أن تؤثر أيضا بقوة على سوق العمل حيث من المتوقع ارتفاع نسبة الباحثين عن عمل في السنوات الخمس القادمة، وفق تقارير منظمة العمل الدولية أنه بحلول 2019، سيتجاوز عدد الباحثين عن عمل 212 مليون شخص، بالإضافة إلى أن 61 مليونا قد فقدوا وظائفهم منذ الأزمة العالمية،بما يمثل ضغوطا شديدة على الحكومات، ومع ذلك قد يشهد عام 2015 تأثيرات متباينة إذا نجحت القطاعات غير النفطية في دول مجلس التعاون الخليجي، في دفع عجلة النمو،خاصة أن هناك مشاريع بنية تحتية من الضروري عدم توقفها في إطار التحضيرات لكأس العالم 2022 في قطر ومعرض أكسبو 2020 في دبي ومشاريع سكك الحديد الطموحة، ومشاريع المدن الاقتصادية في المملكة العربية السعودية، رغم صعوبة توقع المسارات التي يمكن أن تسلكها أسعار النفط خلال العام 2015، نتيجة تداخل مجموعة العوامل الجيوسياسية وحالة التوتر المتزايد التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، والتي لا يمكن أن تصل بالأسعار إلى نقطة التوازن أو إلى مستوى قريب منها في المدى القريب أي قبل النصف الثاني من العام الجاري على الأقل، ومن ثم سوف تتأثر قرارات المواجهة بين المد والجزر.