18 سبتمبر 2025
تسجيلالبعض يطلق عليه اسم "صندوق الاقتراحات والشكاوى" أو "صندوق الشكاوى" أو "صندوق الآراء والشكاوى" أو "صندوق الاقتراحات" وغير ذلك، وتجده أمامك أو في زاوية في الوزارات والمؤسسات والمستشفيات الحكومية والخاصة، وتراه كذلك في الشركات المختلفة، والمقام يطول في ذكره، وهنا سؤال، ما عدد الاقتراحات أو الشكاوى من يوم وضع الصندوق في المؤسسة إلى يومها هذا سواءً من الموظفين أو المراجعين؟ نريد شفافية وصراحة وإعلام عما بداخل هذه الصناديق للموظفين وجمهورها وللمجتمع وهل هي صالحة أم انتهت صلاحيتها؟ أو أنها ديكور؟ أو روتين اعتادت عليه المؤسسات؟.من جماليات العمل المؤسسي وحسن الإدارة الاستماع والالتزام والنظر في الشكاوى المقدمة وعملية المعالجة والمتابعة الواعية والفعّالة، فالأمر يتطلب التصرف بحكمة والتحقق من كل شكوى تُطرح، وأيضاً من جمالياته العمل بمنهجية والتركيز في التعامل مع الشكاوى، وكذلك فيها من المشورة وصناعة فريق عمل مختص وفاعل ومتفاعل ومقدّر لهذا الأمر في المؤسسة. فعندما تكثر الشكاوى في وعن مؤسسة ما اعلم أن هناك من يحمل جزءا من المشكلة، فمن يكون؟..فلو كنتَ رئيساً لمؤسسة، أو مديراً لإدارة، أو رئيساً لقسم وجاءتك مجموعة شكاوى من موظفين أو من موظف ما، أو من المراجعين كل له شكوى، قد تربك العمل وتزيده من المتاعب والصعوبات والتعقيدات والتأخير في الإجراءات وإنجاز وتسليم المعاملات في وقتها، فكيف يكون تقديرك وتعاملك معها؟.تحمّلك الإدارة في أعلى الهرم المؤسسي مسؤولية كل حسب مكانته الوظيفية في المؤسسة، وكذلك من واجباتك أن تسمع للشكاوى وتمنح موظفيك وعملاءك الثقة في طرح شكواهم بالأسلوب الإيجابي الذي يبني ولا يهدم، ويقدم ولا يؤخر، وبعيداً عن كل سوء ظن أو شخصنة الشكوى، كل هذا وغيره من القيم الإيجابية ستترك أثراً واضحاً على العاملين وعملاء المؤسسة بتقدير وتلمّس احتياجاتهم وعدم إهمالها ووضعها في الأدراج فتضيع وتركن وتنسى أو يتم تطنيشها.فالمؤسسة التي تبحث عن المكانة والجودة والتميز وخدمة جمهورها تعطي الشكاوى أهمية ولا تتذمر منها ولا تتجاهلها وتتركها في صناديقها — هذا إن وجد فيها شيئاً، فالشكاوى تعرّفها وتدلها على ما يحدث، كما أنها تسلط الضوء على شكاوى معينة تحدث مع جمهورها وتقود إلى تحديدها، وتحليلها بعد ذلك يعد أداة قياس تعمل بها المؤسسة الناجحة وترسم صورة جميلة وإيجابية في ذهن وواقع العاملين فيها وجمهورها والمجتمع. والشكاوى المتكررة في المؤسسة يجب أن تحظى بالانتباه والاهتمام الأكبر في المؤسسات، فلم تعد صناديق الشكاوى بأشكالها وأماكنها في وقتنا الحاضر صالحة، لقد انتهت صلاحيتها في عصر التواصل الاجتماعي من خلال وسائله المتنوعة والفاعلة في المؤسسات والمجتمع. ومضة خطب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الخليفة الراشد رضي الله عنه مرة في موسم الحج وبين يديه عمّاله، فمما قال لهم رضي الله عنه وأرضاه "... ولا تغلقوا الأبواب دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم..." تأملها وأسقطها على واقعنا المؤسسي فما عساك أن تجد؟!.. من يستشعر المسئولية — ولا نعمم — لا يغض الطرف ولا يغلق الأبواب عن الشكاوى.إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم