03 نوفمبر 2025
تسجيلتصور معي هذا المشهد .. لو كان كل من على هذه الأرض يعيش حياة هادئة هانئة عنده كل يتمناه ، لا قسوة فيها أو ظلم أو كدر، هل تجده يأتي ليظلم هذا أو يقسو على ذاك أو يضر تلك ؟ ستقول غالباً لا ، إلا من به خلل في تكوينه النفسي أساساً ، وهذا بالطبع ليس قاعدة يمكن أن نبني الأحكام عليها وفق تصرفاته ، لكن الحقيقة والأصل أن الإنسان لا يظلم غيره ما لم يجد الدافع إلى ذلك ، بل لماذا يفعل ذلك ويظلم مثلاً، وهو يعيش تلك الحياة التي نطمح إليها جميعاً ؟ قد تقول : لكن هناك من تتوفر فيهم كل تلك الصفات التي ذكرتها ولكن مع ذلك يتلذذون بتعذيب الآخرين وتكدير صفو حياتهم .. نعم ، هذه قصة طويلة أتفق معك عليها .. فماذا أريد أن أقول ؟ أغلب مآسينا ومشاكلنا ومظالمنا هي نتاج لأمراض نفسية متغلغلة في نفوس البعض الذي يتلذذ بتعذيب الآخرين ، رغم عدم وجود دوافع قوية تؤدي بهم الى ممارسة ذلكم انوع من الفعل مع الآخرين.. إنها أمراض الحقد والحسد والبغضاء واللؤم والغدر وغيرها كثير .. إنها هي الأمراض التي تتسبب في أن يكون هناك ظالم وقاسٍ ومتجبر وفاحش عنيد. ولو أن القلوب صافية لا غل فيها ولا حسد ولا حقد، والعقول متفرغة للتنمية والإنتاج وخير البشر، لم تكن لتجد ضحايا لأولئك الظلمة والمتجبرين والمجرمين. مرة أخرى ، ماذا أريد أن أصل إليه اليوم ؟ أريد أن أصل بكم إلى حقيقة دنيوية أرجو أن نعيها ونستوعبها ، خلاصتها أن هذه الدنيا هي دار كد وكدر، وتعب ونصب، وإعياء وعدم استقرار، وأن حياةً هذه صفاتها ومظاهـرها، فلا عجب أن تجد فيها مرضى قلوب ومرضى عقول، لا همَّ لديهم سوى إلحاق الضرر بالآخرين والانتعاش على حساب كدر الآخرين.. لكن ما يخفف على النفس أن ديننا العظيم يدعونا للصبر والتصابر، فهما العلاج الطبيعي لمثل هذه المشاعر إن كنت أحد الذين يستشعرونها ويحملونها .. فلا تنتظر يوماً أن تكون أو تعيش بلا كدر ولا تعب ولا ألم ، وأن تكون بعيداً عن الكيد والتآمر والتربص .. ولكن كلما صبرت وتصابرت، اشتد إيمانك وقويت إرادتك، وفهمت حقيقة الحياة الدنيا أنها قنطرة لحياة أخروية نتمنى كسب خيرها ونعيمها ، ولمثل تلك الحياة ندعو ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.