11 أكتوبر 2025
تسجيلقيل إن اللوحات تعبيراً لونياً عن صورة شعرية، وهي كذلك. وقيل إن القصائد ألوان نطقت وأسست لغتها، وهي كذلك أيضا. والأصل في الفكرة إنها حرة، ومتلقيها ليس مثلها على الأقل في جانب كيف يمكن النطق باللون واللغة. هكذا نفهم تحول القصيدة من لغة وكتابة وصوت، إلى ذائقة بصرية، وقبل ذلك لفن مرئي، وعلينا الاعتراف إنها مثل أي شيء مختلف عليه في هذا العالم. ذلك إن اختطاف الصورة أمر شائع ببراءة مرة، وسطوا مائة مرة. تلك مهنة أيضا قد تكون لا إرادية بسبب التراكم، وقد تكون كمنجز تفاعل مع فنون كثيرة لصاحبها. أن ترسم لوحة لا يعد الأمر إبداعا إلا حين يكون كيف تم هضم الكلمة وإعادة أنتاجها كلوحة. وعدم الإقرار بذلك هو سر كبت لوحة القصيدة وممارسة أخلاقية للكسل. وكثيرا هي التجارب العربية التي ترسم القصائد، وقليل من الفنانين من يؤكد إنه فعل ذلك. للشعر هيمنة لا منازع لها على الإبداع، لاسباب لا تتعلق فقط بروعته، بل هي ذات صلة بتاريخه الطويل الذي يتفوق على صنوف الإبداع الأخرى. وقبل ذلك يتعلق بأن الشعر لا معنى له بلا لغة، ولا شيء له نفس المعنى بدون لغة. وحينما سطر الإنسان أول حرف كتابة يبدو جديرا إن كان يهتم بإيصال الفكرة للاخر أم كان يعتبر ذلك عملا فنيا. والجمع بينهما ليس صعبا وكذلك ليس مؤكدا. لوحة القصيدة في أوروبا وأمريكا جاءت في سياق تاريخي للحرية التي حصدها الفنان والشاعر هناك والجراءة، وبقت هنا أكثر لغزا وأقل إبداعا كما يراها البعض. وفي تفسير لوحة القصيدة علينا الاعتراف إن ما من لوحة ستملك الجمال إن كانت تعبيرا حرفيا عن القصيدة، ومدة تحررها من هذه المسألة هو الذي يمنحها الانسجام والجمال معا. وتبدو مشكلة الرسام غير القارئ مخيفة لأنها تطيح بأمكانية إلهام اللغة للمبدع، وما يزيد الأمر صعوبة إن الثقافة والروح لم يعد مطلوبا لتمجيد الفنان أو إقتناء لوحاته. تفاعل صنوف الإيداع، مكن العديد من الرسامين من خلق نهضة صورية، وفتح للشعراء بابا لخلاص صورة شعرية مستندة على اللون. ما يثير الحيرة هو عدم الإفصاح عن ذلك، والقلق من تحجيم المنجز هو ما يمنع كلا الطرفين من الاعتراف عربيا. يجد البعض إن المسألة اللونية تراكمية، وهي لا تعبر فقط عن قصيدة بلحظتها، وما أجده أنها تعبر كثيرا عن تأملنا لهذه القصيدة، وهو ما يمكن تأكيده في الشعر أيضاً. يصف الفنان "جوزيف كوزوث" المعروف بعمله المفاهيمي الشهير "كرسي وثلاثة كراسي" اللغة بأنها أصل الفنون المرئية. لا يمكن تجاوز اللغة في الفن لكن بالتأكيد ليست هي سداً يحجب التراكمات البصرية للفنان. أصل ثقافة الفنان تأتي من اللغة، لهذا وصف كل إبداع بجذوره اللغوية . غير يجب الإعتراف في زمن أصبح فيه الفن لونا لخدمة اُثاث منزل الثري إن الانفصال الكبير بين اللغة واللون هو الذي يقود الفن إلى عزلته وسوقه معاً.