13 سبتمبر 2025

تسجيل

النقد.. وسيلة أم غاية!

12 يناير 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); كثيراً ما يتغنى البعض منا بالنقد البنّاء ويضرب لنا الأمثال والعبر تارة في شخص وتارات عدة في مؤسسات ووزارات مختلفة ولا نعلم حقيقة ما يخفيه الناقد العزيز في نفسه الكريمة، هل هو حب الوطن أم حب الذات؟! الغريب في الأمر أن الكل بات مصلحاً وناقداً ومدافعاً عن حقوق العباد والبلاد، وعند السؤال عن مفهوم النقد البنّاء للناقد العزيز تأتي الإجابات محمّلة بكل ما هو غريب وبعيد عن الصواب فالافتراء والكذب والتشهير والتَّبلّي، أصبح كل ما سبق من صفات النقد بدلاً من التقصّي والتأكد والاستفسار أولاً، يجب أن يكون النقد مبنياً على ركائز أساسية ومعلومات سليمة وكي تؤتي الشجرة أكلها يجب أن يكون هناك نقاش ومعرفة الأسباب التي دعت الطرف الآخر لهذا التصرف بدلاً من النقد العشوائي غير المبني على معلومات، بل هو مبني على فرضيات من عقل الناقد العزيز، يقول -تعالى- في كتابه الكريم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىْ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" فالأخبار التي نتناقلها دون تأكد أو دون حرص على معرفة صحتها إن كانت حقيقة أم كذباً ما هي إلا رصيد سنحاسب عليه يوم القيامة لقوله -تعالى- "مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ" النقد البناء الذي يصب في مصلحة الوطن نرحب به خاصة إن كان الناقد يهتم ويحرص على المصلحة العامة لا الخاصة، ولكن الغريب أن هناك بعض الحالات التي تتغنى بالكمال وتدعو إليه وتنهى عن الفحشاء والمنكر وترفض كل ما لا تطيق وهي في حقيقة الأمر فاعلة لكل ما نهت عنه تحلّ الحرام وتحرّم الحلال كيفما شاءت بذريعة القلم المقروء أو الصوت المسموع، فبدلاً من أن يُستخدم لما سُخّر له يُستغل لتلبية رغبات الناقد وأهوائه الشخصية، يقول الشاعر:لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيمهناك فئة تريد أن توصِل فكرة أو تسعى إلى تصحيح عمل ما من خلال نقدها ولكنها لا تعلم السبب الذي أجبر الشخص على هذا العمل أو ذاك التصرف، فهي لا تعلم خفايا الأمور والنوايا وإنما وحده الله -سبحانه وتعالى- الذي يعلم النوايا والخفايا، نحتاج إلى فهم الأمور والتريث وعدم إطلاق الأحكام دون الاستماع إلى الطرف الآخر فليس الأمر بما أحب وأرغب وبدلاً من نقد الناس فالأحرى أن يبدأ كل منا بنقد نفسه وبيته فتصحيح الشخص هو تحسين للأسرة وتقويم الأسرة هو نجاح للمجتمع، عزيزي القارئ لا تنقد الناس وأنت مُقصر مع الله ومع العباد، لا ترمِ كلاماً لا تدرك وزنه يقول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الشريف "وَهَلْ يُكِبُّ النّاسَ فِيْ النَّارِعَلَى وُجوهِهِم، أو قالَ عَلَىْ مَنَاخِرِهم، إلاّ حَصَائدُ ألسنَتِهم " فاحذر مما تقول ومما تنقد به غيرك فإن كان غير صحيح أو به كذب فأنت مُساءل عند ربٍّ لا يظلم أحداً، نحتاج إلى نقد يعزز مكانتنا كمجتمع واحد ويوحِّد كلمة المسلمين ويأمر بالعدل والإحسان ويقوم على النصيحة والمشورة ويستفيد منه القارئ والمستمع وأن يكون في محلّه وينفع الخلق جميعاً، كثيراً ما ننقد أشخاصاً أو مسؤولين وبعد أن نجلس معهم ونستمع إليهم نغير أفكارنا وأقوالنا تجاههم لأننا لم نكن مطّلعين على حقيقة ما يحدث أو بسبب قلة المعلومات لدينا وبالتالي يصبح ما قلناه مبنياً على معرفة ناقصة بواقع الحال.أخيراً النقد نعمة فلا تحوّله إلى نقمة ولا تستخدم سلطتك فإن كنت تقدر فغيرك أقدر والله خير القادرين.