16 سبتمبر 2025
تسجيلكل يوم يمر وأنا أشاهد عبر شاشات التليفزيون عملية استفتاء تقرير المصير لجنوب السودان الشقيق أشعر بأن قطعة من كبدي تقطع وتتمزق وليتها تجري بعد عملية التخدير دائماً بدون تخدير ويزداد ألمها ونزيفها إذا علمنا أن اليد التي تمسك بالسكين التي تقطع هذه الكبد العربية هي يد عربية والسكين هي سكين عربية!! سبق أن تمت عملية جراحية قطعت جزءاً من الكبد العربية عندما أصدر بلفور وعده المشؤوم وبموجبه تم بتر جزء من الجسم العربي وهو فلسطين المحتلة لكن هذه القطع وهذا البتر وهذا الجرح تمت بيد عدو أجنبي وبسكين أجنبية ومباركة أجنبية وإرادة أجنبية، وكل هؤلاء الأجانب هم أعداء للأمة العربية لهذا قابلها الشعب العربي بالرفض والمقاومة وسيبقى هذا الشعب يكافح ويناضل لعودة هذا الجزء المغتصب إلى أهله الأصليين عاجلاً أم آجلاً. إن القلب يدمى.. والفؤاد يحزن.. والضمير يتألم.. والوجدان يحترق واليد ترتجف وعاجزة عن مسك القلم الذي ناضل وجاهد وكافح بالكلمة للحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وها هو يرى السودان يتمزق ويتناثر ويتبعثر وانفصال الجنوب ما هو إلا مقدمة لا سمح الله إلى تناثر وانقسام قادم وبعد أن نجح الصهاينة ومعهم الحليف الاستراتيجي الأمريكي والغرب عموماً في تحقيق هذا الحلم وهو انفصال جنوب السودان سيبدأ مخططهم في دارفور وبعدها الولايات السودانية الباقية ليصبح السودان نموذجاً لتنفيذ خريطة الشرق الأوسط الكبير على أرض الواقع الذي بدأ بغزو واحتلال العراق، فبعد أن عجز الصهاينة والإدارة الأمريكية ومعهم الغرب في بدء تنفيذ هذا المخطط من العراق ها هم يبدأون في تنفيذه من السودان الشقيق وسبب فشله بالبدء من العراق يعود إلى المقاومة العراقية الباسلة ووعي وإدراك ووطنية وعروبة الشعب العراقي الأصيل والسبب الثاني الذي لا يقل أهمية هو الدور التركي الرافض لأي توجه انفصالي لأكراد العراق والمعروف أن بعض الزعامات الكردية التي شجعت على غزو واحتلال العراق بل وساهمت في هذا الغزو والاحتلال كانت تحلم بالانفصال عن العراق ولا تزال تعمل على تحقيق هذا الحلم والاستفتاء الذي جرى في شمال العراق حول الانفصال والوحدة التي جاءت نتيجته 95% من الأكراد لصالح الانفصال تؤكد هذه الحقيقة، لكن تركيا كانت البوابة التي تحطم عليها هذا المشروع لبعض الزعامات الكردية والصهيونية والأمريكية لأن قيام دولة كردية في شمال العراق يشكل تهديداً للأمن القومي التركي، خاصة في علاقة هذه الدولة مع حزب العمال الكردستاني الذي يعيش الآن حرب عصابات ضد تركيا بل انه يقوم بأعمال إرهابية تستهدف الشعب التركي. وهنا من حق المواطن العربي أن يسأل ويتساءل أين الدور العربي في الحفاظ على وحدة الدول العربية وأين النظام الرسمي العربي من الأمن القومي العربي؟! إذا كانت الشقيقة تركيا منعت انفصال الشمال العراقي عن الوطن الأم العراق حفاظاً على أمنها القومي التركي فأين النظام الرسمي العربي من الحفاظ على وحدة السودان للحفاظ على أمنه القومي العربي بل أين النظام المصري من الحفاظ على أمنه الوطني والقومي العربي وهو يرى جنوب السودان ينفصل عن الوطن الأم ويشكل هذا الجنوب مصدر خطر على الأمن القومي المصري، خاصة في الأمن المائي؟! أين النظام المصري من وحدة شقيقه السودان ألا يشعر بأن هذا النظام هو المستهدف من هذا الانفصال المشؤوم لأن مصر هي "القيادة والريادة" وكل مخططات التقسيم والتفتيت للوطن العربي تستهدف مصر وتستهدف دورها مستقبلاً لأن أعداء الأمة العربية يدركون أن مصر "القيادة والريادة" فستعود لقيادة الأمة العربية عاجلاً أم آجلاً، لهذا كله يعمل هؤلاء الأعداء على تآكل أطراف الأمة العربية للوصول إلى قلب هذه الأمة مصر لأن أعداء هذه الأمة يعرفون جيداً أيضا أن معاهدة "سايكس-بيكو" التي قسمت الدول العربية إلى دويلات "حارة كل من ايده اله" تعمل الآن وفق شعار جديد وهو "حارة كل من اصبعه اله" بحيث تتناثر أصابع اليد الواحدة وتتبعثر وتتناثر إلى أصابع بدل اليد الواحدة!! وهذا هو مخطط الشرق الأوسط الجديد.