17 سبتمبر 2025

تسجيل

هل اقترب مؤشر البورصة من القاع؟ (2)

11 ديسمبر 2017

لا تزال العوامل الإيجابية والعوامل السلبية المؤثرة على أداء البورصة تتفاعلان في التأثير على مستويات الأسعار والمؤشر العام. وفي حين كان لعدم نجاح قمة الكويت في حل الخلاف الخليجي تأثير سلبي، فإن هذا التأثير لم يكن بالقدر الكافي لإحداث موجة جديدة من الانخفاضات، بل تماسك المؤشر العام عند ما اصطلحنا على تسميته بالقاع فوق مستوى 7740 نقطة. وبمحصلة ما حدث في الأسبوع الأول من ديسمبر، خسرت العوامل الإيجابية أحد عناصرها المتمثل في الآمال التي انعقدت على اجتماع القمة الخليجية بالكويت في موعدها، وعلى احتمالات حدوث مصالحة، وإن لم يتحول الموقف إلى عامل سلبي بسبب عدم تصعيد الخلافات القائمة بأكثر مما كانت عليه قبل انعقادها. ومن جهة أخرى، توقفت أسعار النفط عن الارتفاع، وانخفض سعر نفط الأوبك قليلًا دون مستوى 61 دولارًا للبرميل نتيجة ما أظهرته مخزونات النفط الأمريكية مؤخرًا، من زيادة كبيرة غير متوقعة. وتوقف سعر النفط عن الارتفاع عند هذا المستوى يُفقده القوة الدافعة التي كانت تعمل على رفع أسعار الأسهم والمؤشرات في البورصة القطرية، ولكنه مع ذلك لم يتحول إلى عامل سلبي يضغط على الأسعار كي تنخفض، طالما ظل سعر نفط الأوبك فوق مستوى 55 دولارًا للبرميل. ولا تزال العوامل الإيجابية الأخرى قائمة وتدفع باتجاه ارتفاع أسعار الأسهم وعدم انخفاضها ومنها؛ قرب انتهاء العام 2017، وما يتبعه من حالة ترقب بين المساهمين لموسم توزيع أرباح أسهم أغلب الشركات التي حققت أرباحًا معقولة. كما أن بقاء أسعار الأسهم عند المستويات المنخفضة الراهنة يمثل عاملًا إيجابيا، ويشكل حاجز دعم يحول دون حدوث المزيد من التراجعات. وقد أضافت هيئة قطر للأسواق المالية عوامل إيجابية إضافية عندما أقر مجلس إدارتها مؤخرًا حزمة من القواعد التنظيمية منها؛ تنظيم نشاط صانع السوق، والموافقة على الإجراءات التشغيلية لصناديق الاستثمار المتداولة، بما فيها عمليات البيع على المكشوف. ومن المتوقع أن تعزز هذه القواعد الجديدة من نشاط سوق رأس المال وترفع من كفاءة تشغيل البورصة، إذا ما تم تفعيلها ووضعها موضع التنفيذ الفعلي في القريب العاجل، ذلك أن العبرة ليست بإقرار التشريعات بقدر ما هي في وضعها موضع التنفيذ العملي. على أن العوامل السلبية ما زالت قائمة وتعمل على تأخير عودة الأسعار والمؤشرات إلى الارتفاع بقوة، ومن ذلك سلبية مجالس إدارات كثير من الشركات المساهمة إزاء وضع أسهمها في البورصة. فالشركات التي انخفضت أسعار أسهمها بشدة هذا العام التزمت الصمت ولم تشمر عن سواعدها لوقف تراجع تلك الأسعار، رغم أنها في عدد لا بأس به قد انخفضت دون القيمة الدفترية لتلك الأسهم. ولقد كان من المؤمل وما زال، أن تقوم تلك الشركات بالتدخل لشراء جزء من أسهمها، أو بالبحث عن مزود سيولة ليقوم بدعم السعر في السوق.. إن حدوث هذا التدخل المنشود يُعيد الثقة للمستثمرين الذي هجروا السوق ويعيدهم إليه، عندما يتأكد لهم أن المؤشرات والأسعار قد وصلت إلى القاع، وأن هنالك فرصًا حقيقية لارتفاعها من جديد. ومن العوامل السلبية الأخرى استمرار ظاهرة الاتكال على الدور الحكومي في حل الأزمات المالية والاقتصادية. فرغم أن النظام الاقتصادي في البلاد هو نظام رأسمالي، إلا أن القطاع الخاص ظل معتمدا على الدعم الحكومي المباشر وغير المباشر.. وقد كان ذلك مقبولًا في العقود الأولى بعد الاستقلال وحتى بدء عصر الدولة الحديثة في قطر مع بداية القرن الحادي والعشرين. وفي حين أن على الحكومة توفير الخدمات العامة، والقوانين والتشريعات اللازمة لضمان قيام القطاع الخاص بأنشطته على أكمل وجه، فإنه قد حان الوقت للانتقال إلى مرحلة جديدة ينطلق فيها القطاع الخاص معتمدا على ما توافر لديه من إمكانات وقدرات وخبرات على مدى العقود الأربعة الماضية. وقد أكد حضرة صاحب السمو الأمير في أكثر من مناسبة على ضرورة قيام القطاع الخاص بدوره المطلوب. وقد يكون على الجانب الحكومي من ناحية أخرى تشجيع القطاع الخاص على القيام بدوره عن طريق مراجعة وتطوير القوانين والتشريعات من ناحية، وخصخة بعض أنشطة الأعمال التي تديرها الحكومة من ناحية أخرى. والخلاصة، إن مؤشرات البورصة ربما تكون قد وصلت إلى القاع بالفعل، وأنها في طريقها إلى الارتفاع من جديد في الأسابيع والشهور القادمة؛ إذا ما تعززت العوامل الإيجابية أكثر وتقلصت العوامل السلبية.