02 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); ليس من عادتي تسليط الضوء على الصفات والتصرفات التي تكون من الجهات أو القيادات الحاكمة، لطبيعة ما يكون من تغيرات سياسية، وما يشكله الرأي عنهم من فهوم في الانحياز لطرف، أو الإذعان له، لكنني هنا سأتجاوز هذا التحفظ لانحياز تام (لشاب) مختلف.فهو ليس مجرد شاب ابن الرابعة والثلاثين من العمر، بل هو اليوم أصغر شاب حاكم عربي.لا شك أن خبرات العمر في الممارسة السياسية وإدارات الدولة لها عائدها النافع عند من يستثمر ذلك في رصيده، تكوينياً وعملياً، لكن أيضاً قد يفسد الحكم من تكلست إداراته بالترهل والفساد والمحسوبية والمجاملة، مروراً بالتصرفات الصبيانية، التي لا تخطئها عين متابع لمآلات الوضع العربي بعد عقود من الاستبداد والفقر والجهل.في خضم هذا الواقع سطع ضياء من أفق قريب استوقفني اختياره في هذا السن كحاكم لدولة حيوية تمارس أدواراً مهمة في عدد من المناطق والقارات.وسأكون صريحاً لو قلت إن اختياره كشاب أغراني لتأمل حالته كراصد لا أكثر.أي نعم، أغراني لمتابعة ما يصدر عن شاب في مثل هذا الوضع الراهن في المنطقة ومستجداتها وتعقيداتها.وبدأت المتابعة والرصد..إن الأمير الشاب تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، وبعيداً عن السياسة وحساسياتها وتداعيات الخوض في قادتها، أمير فاق توقعاتي،فهو، لمن يتأمل، بسَّام في كل لقاءاته المصورة والمتلفزة المختارة والعفوية.وهذا الرصد السيكلوجي يعطي شعوراً بالفأل، ورصيد الحب والود الذي يحمله، كما يجلِّي صورة خلفية من الصفاء والسكينة النفسية.والأمير الشاب تميم برع في المواقف السياسية القطرية المتعلقة بهموم الأمة الكبرى كرجل مبدأ، وحكيمِ تصرف، وكفى بهما لشاب مثله ومنصبه مفخرة.أن تعصف ببلده العواصف وينحاز لخيارات الشعوب الحرة الأبية في مشرق الوطن العربي المتأجج ومغربه، رغم ما سيواجه به من اعتراضات، فهذه بطولة.أن يصرِّح في المؤتمرات الدولية والعربية بحقوق الشعوب ومساندتهم علناً، ورعايتهم ما استطاعت بلاده، فهذه بطولة.أن يتعامل بمرونة مع الأشقاء، وتعقِّل في القرارات، وهدوء في التصريحات، وصبر في اللقاءات، التي جاب بها في فترة قصيرة عواصم عدة، وبعضها يكرر الرحلة إليها، فهذه بطولة.أن يحسن التعامل مع القادة الكبار رغم اختلاف بعضهم معه، ويسايس من دونهم على تباين وجهات نظرهم، واستمالة القادة الآخرين بعقلية فن إدارة المكتسبات، وحفظ المودة واستمرار العلاقات، فهذه بطولة.أن ينوِّع فتح الملفات، ومزج التحالفات، وكسب التوجهات، بحسِّ صاحب المبدأ، وفن صاحب الدبلوماسية، فهذه بطولة. أن يفوِّت الفرصة على كل متربص لبلاده في فترة عمره القصيرة، ويصفِّر المشكلات، ويُعلي لغة الحوارات الموضوعية، بحسِّ المسؤول، وأهلية المتمكن الحصيف، فهذه بطولة.أن يعنون لبلاده عنوان التسامح والوضوح، ويغيِّب منطق القوة في غير محلها، والاتهامات من غير برهانها، فهذه بطولة.نعم يمكنني أن أقول مثل هذا الحضور الواعي عن دوره في الداخل محل الرضا حقيقة، رغم بعض المشكلات التي لا تسلم منها إدارة دولة، وهي بحاجة لتصحيح، ولكن الحديث عن رصد الدور لحاكم شاب في المنطقة.إن هذا الحق تجب الإشادة به لأسباب ثلاثة:السبب الأول: لأن شخصية من عنينا شاب في الدرجة الأولى، ومن حق كل الشباب الذين يقرأون اليوم في السياسة ورصد وتحليل ملف الأزمات أن يقرأوا ويعوا هذا الواقع العملي، الذي لا حساب لنا منه إلا نشدان جيل شاب ثبتت بالبرهان قدرته على الأخذ بالمبدأ، ووعيه وكسبه في مضمار المماحكات السياسية الدولية والمحلية.والسبب الثاني: المواقف المشرفة التي تبناها في نصرة قضايا الأمة العربية والإسلامية، والدعم بمصداقية وموضوعية من عشرات الجهات المانحة الخيرية والإنسانية في بلاده، في ظل هجوم وتصنيف على أنواع من النصرة.والسبب الثالث: ما آلت إليه الوحدة الخليجية من لمِّ شمل، ووحدة صف، وحسن ظن، وقرب ورشد، وعاد بآثاره فرحة حقيقية في قلوب من لم يصدق ولم يرض بقاء ما حصل على ما كان.ولولا حسن النية، وصدق المصارحة، وفقه المرونة، وجميل التعامل، ومنطق البرهان، لطال زمن الحزن.وهذه الخطوة الحكيمة لعودة السفراء وفتح صفحة جديدة، وما تلاها من مؤتمر الدوحة شارك برسمها قادة المنطقة العقلاء الحكماء، ووعيهم بتجارب الشعوب وأزمات المنطقة في العقود السابقة، وفي مقدمتهم جامع شملهم خادم الحرمين الشريفين، ومهندس علاقات الإخاء والبناء، أمير الكويت، ثم بقية الأشقاء والأحبة في خليجنا الواحد.إن ما جرى - ونحمد الله على ما كان - يمنحنا التفكير بكياسة لمعرفة مستجدات الأمور، وما ينبغي حيال (الخليج الواحد) من تفاهمات أعمق وأكبر من خدوش ووجهات نظر.كما أن الموقف يوجب رفع قيمة الحوار الموضوعي كمبدأ، وعدم اللجج في المهاترات الإعلامية التي لم تخدم قضية ولن تخدمها، فنحن في المآل أصحاب مصير مشترك، وتقارب ثقافة، وطبائع مجتمعية واحدة، وترابط مؤسسات وعائلات.والمجتمع الخليجي أفاد من هذه الفترة المتوترة قيمة إدارة الاختلاف الذي سيظل طبيعيا في حجم قضايا دول لكل منها سيادتها في شؤونها الخاصة، ونظرتها للمستقبل.وأخرى دولية لا تفتأ في شقها الغربي المتصلد أن تترصد لتثب علينا، وقد أكلت الأزمات والورطات بقايا دسائسهم وخداع ولاءاتهم مع غيرنا في المنطقة.ثم إن بقاء الحب الخليجي راسخا يزيل غبش الفكرة العارضة، أو مسبقة الفهم، فإن وقفتنا المتلاحمة في كل الأزمات السابقة أقوى دليل على صدق القادة والشعوب من مجرد اختلافاتنا في تقدير علاقاتنا مع غيرنا اللاحقة. والله المسؤول أن يحمي الجميع، ويكفيهم شر طوارق الليل والنهار.