16 سبتمبر 2025

تسجيل

قمر البارحة.. أفول اليورو وأين عملتنا الخليجية

11 ديسمبر 2011

كانت التوقعات الفلكية تشير إلى خسوف كلي للقمر مساء البارحة فلله سبحانه الحكمة في تدبير أمور الكون وحركاته. أما في أوروبا فالواقع المالي هناك يشير إلى أفول نجم اليورو كعملة نقدية موحدة لدول القارة بعد تفاقم أزمة الديون التي اندلعت من اليونان وظلت دول الاتحاد تبحث عن مخارج وحلول تقي الاتحاد وفكرته التي تضمنت احتواء اقتصاديات محدودة أو متعثرة لبعض الدول الأعضاء والتي يقال إنها سعت إلى الانضواء تحت مظلة الاتحاد بدافع عقدي عملت لأجله طويلاً المؤسسات الفكرية الطامحة للوحدة هناك وتشكل في بدايات تكوينه كمؤسسة عسكرية غربية لمواجهة مد الفكر الاشتراكي المتمثل في الاتحاد السوفيتي المنحل والذي جذب دول الشرق الأوروبي لفلكه وفكره الاشتراكي فكان حلف الأطلنطي الذي تشكل في العام 1949م عقب سلسلة من التغيرات في خارطة القوى العالمية انتهى على إثرها النفوذ الاستعماري الأوروبي لعدد من الدول الآسيوية والإفريقية وبرزت الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية غربية لمواجهة الاتحاد السوفيتي كقوة شرقية بفكر مالي اشتراكي اضمحل بكل قواه وعسكرته أمام نظريات الرأسمالية العالمية ربما تحقيقاً لجدلية التاريخ التي يؤمن بها منظرو الفكر الماركسي ومضمونه القائم على أن كل فكرة تنقلب إلى نقيضها مع مرور الوقت فكان أن أفلت الاشتراكية التي انقلبت على الإقطاعية الأوروبية. والآن قد نعاصر أفولاً آخر للرأسمالية بتبدي حالات من العجز المتلاحق تلازم بعض دول أوروبا وعملتها الموحدة بعد عمر قصير جداً حسب أعمار الدول والحضارات. فما الذي حدث وماذا سيحدث لاحقاً خاصة أن بريق الاتحاد الأوروبي ونمطيته البراقة شملت مختلف دول العالم وتداخلت مصرفيتها مع ذلك النظام الذي يصارع الآن أزمات ضخمة تهدد مستقبله وحتى استمرار بقائه ككيان واحد. فالأطروحات مستمرة بقناعة كبيرة لفصل عدد من الاقتصاديات المتعثرة والإبقاء على الأقوى منها فقط من دول القارة التي حلمُت طويلاً بوحدة قوية ومنوعة وعملة لا تقهر حتى أمام عميدها القديم " الدولار " فكان اليورو يمثل قمة التحالف بعد أن توحدت الكثير من المعاملات وغدت عملة اليورو الآن محل المعضلة الكبرى. نسوق ما تقدم من استعراض للحالة الاقتصادية الأوروبية وعملتنا الخليجية الموحدة المرتقب البت في مصير أصدرها ضن أجندت اجتماعات القمة الخليجية القادمة في الرياض. فالمؤشرات تشير إلى استحالة التوحد النقدي وصدور العملة الآن أو حتى الحوار المعمق في موضوعها المتشعب ربما لانشغال قمة القادة بالأهم من المواضيع الآن تبعاً للظروف السياسية في المنطقة وتعثر التكامل المحلي في الكثير من متطلبات إجراء التوحد إضافة إلى استمرارية تباين معايير الاقتصاديات المعنية بالاندماج النقدي الخليجي مثل موازين المدفوعات ونسب التضخم ومستويات الدخول والنواتج القومية لكل دولة. فالأحلام الخليجية العريضة والواعدة لن تكون المحفز الأقوى لإقرار الوحدة النقدية فمستقبل الشعوب لا يبنى إطلاقاً على مجرد الأحلام دون الأخذ بحيثيات الواقع ومسلماته. فيؤكد محللو المالية والمتابعون للشأن الخليجي أن اندماجاً نقدياً محلياً ربما لن يحدث قبل عدة عقود زمنية يستلزم العمل خلالها نحو هذا الهدف بالكثير من الأفكار والتوافق الجاد مع التركيز على تجارب الشعوب في هذا الشأن لاسيما التجربة النقدية الأوروبية المعاصرة والتي انخسفت كقمر البارحة ليلة منتصف الشهر حيث يرصد القمر بدراً بينما أشرق خافت الضوء لمعطيات فلكية قدرها الخالق سبحانه ليعود القمر بعد ساعات بدراً لامعاً في سمائنا بينما في حسابات البشر قد تأخذ العودة إلى الطبيعة وقتاً وجهداً كبيرين لذلك نحن مع التعمق الخليجي لصياغة الوحدة النقدية بفكر وإجراء متكامل حتى لا تشرق ضعيفة وتخبو سريعاً. [email protected]