19 سبتمبر 2025

تسجيل

المسؤولية الجنائية في اختفاء «خاشقجي» !

11 أكتوبر 2018

باتت السعودية في ورطة حقيقية امام الاحداث الدراماتيكية التي وقعت خلال الايام القليلة الماضية بعد اختفاء الصحفي والكاتب السعودي «جمال خاشقجي» الذي دخل القنصلية السعودية في تركيا ولم يعثر له على اي اثر في ذلك اليوم المشؤوم!. القتل بدم بارد ويبدو ان القضاء التركي اصبح امام الاختبار الصعب الذي يمر به في مثل هذه الظروف المفاجئة وغير المتوقعة.. اذ ان وقوع اي جريمة على ارض دولة وبخاصة اذا حدث في احد الاماكن الدبلوماسية يحتم اجراء بحث دولي بهذا الشأن. وهو يجعل من تركيا دولة قوية وواثقة من نفسها لكشف من يتآمر ضد الحق في الحياة وحرية الصحافة مهما كانت الأسباب. اختفاء خاشقجي والبحث الجنائي كانت صدمة حقيقية للعالم اجمع.. ولعله اذا ثبت صحة مقتله فإن المنظمات العالمية والهيئات الحقوقية ستتعامل مع هذا الحدث من باب الامانة والشفافية لمكافحة كل من تجاوز حدوده وتعدى على مبادئ واهداف منظومة حرية الصحافة المكفولة لجميع الكتاب والاعلاميين دون استثناء. كما ان من ارتكب الجريمة النكراء - اذا ثبت ذلك – سيتلقى العقوبات الصارمة ولن يفلت منها اي مجرم . يجب أن تكون هناك محاسبة وهذه المحاسبة او المساءلة القانونية يفترض ان تخضع لأقسى معايير العقاب الجنائي الدولي لكي تصبح مثل هذه الجريمة عبرة لمن يعتبر بعيدا عن احلال عامل العاطفة والشفقة تجاه اصحاب اي جريمة بشعة ترتكب في حق كل شخص بريء لا يستحق هذا الجزاء . كشف الحقائق بكل شفافية ولهذا فسيكون القضاء التركي والجهات الامنية اول من يتعامل مع هذه الحادثة بكل قوة من اجل اثبات تركيا للعالم أنها دولة لا تتساهل مع الارهاب وممارسته على اراضيها. وفي حالة ادانة من ارتكب هذه الجريمة فإن القرار التركي سيكون موجعا في لحظاته التاريخية الذي سينعكس بشكل ايجابي على القضاء الدولي فيما بعد. لأنه يحاسب الدول التي ساهمت في نشر الارهاب على اراضيها. حرية الصحافة ونشر الحقائق وما من شك ايضا ان حرية الصحافة هي من غايات الشعوب والامم التي تحلم بتنفس الصعداء من خلال هذه المهنة الشريفة التي تسهم في بناء العقول وتنمية المجتمعات وتنويرها. فمن كان نزيها وشفافا طوال حياته في استخدام الصحافة الاستخدام الامثل لبناء وطنه لا يستحق كل هذه النهاية المأساوية التي لم تكن تحدث الا من خلال الاستبداد والغطرسة عبر التفرد في القرار وعدم الاستماع للرأي الاخر. ولعل تصريحات أردوغان حول قضية اختفاء الكاتب السعودي «جمال خاشقجي» تنبئ عن احتمالات مَقتَلِه. وقد زادَت الأزَمَة تَعقيدًا عندما اصبحت القضية ملتبسة واكثر تعقيدا في فصولها الغريبة. لكنّها أعطَت بعض الامل في التوصل لخيوط الجريمة المدبرة على الاراضي التركية. وما نتمناه بالفعل هو ان يكون «خاشقجي» على قيد الحياة. مع المحاسبة الكاملة لمن تورط في العبث الامني بتركيا. ويرى بعض المحللين والنقاد في الصحافة الدولية ان يتم تحقيق دولي في هذا الشأن لمعرفة حيثيات اختفاء «خاشقجي» حتى الآن. كلمة أخيرة كان «خاشقجي» يعلم علم اليقين أنه لن يعيش في هذه الحياة بصمت مطبق.. بل كان يؤمن بشكل كبير بأن حرية الكلمة عملية اساسية في نشر الوعي بين المجتمعات. وان التخاذل عن هذا المبدأ يجعل الصحافة وسيلة رخيصة لا تستحق الرعاية او الاهتمام بها. ولهذا كان بطلا وطنيا في صورة المجتمعات الغربية قبل المجتمعات العربية. يقول نابليون: «الصحافة الحرة يستحيل كسرها.. وستعمل على هدم العالم القديم حتى يتسنى لها ان تنشئ عالما جديدا».