19 سبتمبر 2025

تسجيل

إبداعات محور المقاومة في صناعة الأعداء

11 أكتوبر 2015

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); أنا مواطن لبناني أزعم أنني صالح، تدفعني الحمية والشهامة لحمل عبء الوقوف في مواجهة أي ضرر قد يصيب إخوتي اللبنانيين ومساعدة الجيش والقوى الأمنية الأخرى في الذود عن الحدود، ودرء المخاطر المحدقة بلبنان. أنا مواطن أريد حمل السلاح لحماية وطني من إرهاب الكيان الإسرائيلي، هل من محتج؟ هل من يرفع الصوت؟ هل من مدّع بأن رغبتي هذه مخالفة للقانون؟ فإضافة إلى أنني مواطن صالح، فإنني قارئ صالح كذلك، وقد تمعّنت بكل كلمة من كلمات البيان الوزاري الذي نالت به حكومة الرئيس تمام سلام ثقة مجلس النواب. وقد ورد قبل نهاية البيان بأسطر قليلة العبارة التالية "التأكيد على الحق للمواطنين اللبنانيين في المقاومة للاحتلال الإسرائيلي ورد اعتداءاته واسترجاع الأراضي المحتلة"، وبما أنني أحمل الهوية اللبنانية فإنني سأستعمل هذا الحق وأساهم في مقاومة إسرائيل التي مازالت تحتل بضعة أمتار مربعة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا جنوب لبنان. وأنا في سبيل ذلك، أعلن على الملأ أنني سأشتري قطعاً من السلاح، وسأقوم بتخزينه وسأتدرب على استخدامه، وربما أضطر لنقله من مكان إلى آخر، وحذار أن يعترض طريقي أحد، أو أن يسألني عن مصدر السلاح أو عن مكان تخزينه، أو أن يصادر هذا السلاح إذا تم العثور عليه. فأنا ألتزم بمضمون البيان الوزاري الذي أكد على حقي كمواطن في مقاومة الاحتلال ورد اعتداءاته، وأنا لست بحاجة لشهادة أحد كي أمارس هذا الحق، فالبيان الوزاري لم يحدد حزباً أو طائفة أو جماعة للقيام بواجب المقاومة، بل إنه جاء عاماً يشمل جميع اللبنانيين، وأنا سأستفيد من هذا التعميم. لست وحدي من يريد استعمال هذا الحق، فلبنانيون كثر يشاركونني هذه الرغبة، ويملكون الغيرة والحمية والشهامة للدفاع عن سيادة لبنان وتحرير أرضه المحتلة وهم يريدون المشاركة في حمل السلاح ويرفضون احتكاره من جانب فريق دون غيره.في البداية كانت ذريعة هذا الفريق للاحتفاظ بسلاحه أنه يسعى لدحر إسرائيل عن جنوب لبنان. لتتحول الذريعة بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 2000 إلى أن الاحتفاظ بالسلاح يهدف لحماية لبنان من أي اعتداء إسرائيلي محتمل في المستقبل. بناء على ذلك يحتفظ هذا الفريق بترسانة عسكرية وصاروخية متطورة تصلهم عبر المنافذ الحدودية من أماكن معروفة. وهم فرضوا غطاء قانونياً لكل من مشى في ركبهم وتبنى شعاراتهم وتحول لأداة في خدمة مشروعهم، فجميع الميليشيات المنتشرة في المناطق اللبنانية تحتفظ بسلاحها أمام أعين الأجهزة الأمنية، طالما أنهم ينتمون إلى محور المقاومة والممانعة، ويحظون ببركة "السيد".في مرحلة لاحقة وبعدما بردت الجبهة الجنوبية مع إسرائيل، بدأت الهمهمات والهمسات حول عدم الحاجة للسلاح خارج إطار الدولة، وأن القوى الأمنية الشرعية قادرة على حماية اللبنانيين من الأخطار التي تتهددهم، لكن سرعان ما برز في الأفق خطر آخر، هو خطر الجماعات التكفيرية التي أحرقت الشجر والبشر، وقدمت نماذج مرعبة، ليشكل هذا الأداء هدية ثمينة لحَمَلة السلاح، الذين وجدوا في الإجرام والدموية التي قدمتها الجماعات التكفيرية في وسائل الإعلام مبرراً إضافياً لاحتفاظهم بالسلاح، هذه المرة ليس في مواجهة إسرائيل بل لمواجهة الجماعات التكفيرية، رغم أن هذه الذريعة لا سند قانونيا لها سواء في الدستور أو البيان الوزاري. لطالما كان شعار "الموت لأمريكا وإسرائيل" مبرراً لهذا المحور كي ينفذ مشروعه في المنطقة، وكان يحظى بتصفيق ومباركة وتأييد الشعوب العربية. لكن بعد الهدنة غير المعلنة مع إسرائيل، والحلف غير المعلن مع أمريكا، كان لابد من صناعة عدو جديد يشكل غطاء للاستمرار في المشروع التوسعي. وهي سياسة مبدعة تفتق لها عقل محور المقاومة الإيراني منذ عقود، وحماية لانكشاف هذه السياسة يحرص على أن ترافق عملية صناعة العدو إرهاب فكري يقوم على قمع أي محاولة للتفكير أو النقاش، ومن يتجرأ على ذلك تنتظره تهم العمالة والخيانة.. في مقابل هذا الإبداع يبرز خمول معظم العرب الذين خضعوا للوضع القائم وتكيّفوا معه، ويساهمون باستمراره، ويكتفون بالصراخ والنحيب والشكوى.