15 سبتمبر 2025

تسجيل

رحلة إلى بيت الله الحرام "3"

11 أكتوبر 2014

نعم هناك نفوس لا تتطهر أبداً، ذلك أن النفس الأمارة بالسوء تحتل المكان الأسمى في ضميره.. أحدهم كما أسلفت يؤدي هذه الشعيرة كإطار موسمي، يتربع في مجلسه العامر، ويقول "والله السنة الحج سهالات" يصفق بقية الجلوس في مجلسه العامر، مؤكدين على مفردة "سهالات" مثل هذا الإنسان لم يعرف معنى الحج إلاّ عبر إطار خارجي، كم كنت سعيداً وأنا أرى جموع الشباب والشابات من أبناء بلدي وهم يشكلون النسبة العظمى من حجاج بيت الله الحرام، هؤلاء بحق هم حملة الهدى. وهؤلاء يؤدون فريضة الحج بقلوب ملؤها الإيمان، أما ذلك الثري فهو يسجل في ذاكرته عدد حجاته، حتى يترنم عند الآخرين بأنه قد حج أكثر من عشر مرات.أمثال ذلك النموذج، لم يشعر بالسعادة الغامرة، ولا شاهد ذلك الالتفاف العظيم حول الكعبة.. رجالاً ونساءً وأطفالاً، شيوخاً وشباباً، وكيف جمعتهم هذه الأيام المباركة لحظة حب لا تفسر.. لأنه ليس حباً دنيوياً، حول الكعبة، يكون الكل في واحد، ويكون النداء الذي يمزق الفضاء "لبيك اللهم لبيك" جموع من أرجاء العالم كل منهم حمل حلمه الأزلي، وها هو الآن يحقق حلمه مع بعد المسافة ومع مشقة الطريق، ولكن لا شيء يوقف المسير، بعض المواقف تجعل الفرد يتعظ، هذه السنة العجوز التي قطعت كل المسافات، ها هي الآن تصل إلى مبتغاها، وهذا الابن البار لوالده، وقد حمله فوق ظهره يطوف به الكعبة المشرفة، وذلك الإنسان البسيط الذي لا يعرف سوى الله أكبر، والحمد لله. والرابع والخامس والمليون الذي يتعلق بأستار الكعبة يرسل الدمعة الحرى. هؤلاء وغيرهم لم يأتوا فقط لأداء فريضة إسلامية، ولكن أتى بهم الحب، الحب في المطلق بعيداً عن مباهج الدنيا، هؤلاء لم يأتوا للنزهة أو التجارة، وإن كان ربحهم أكبر بكثير من المكتسبات الدنيوية.في مكة.. نحن بإزاء مجتمع عالمي، قوامه أشهد أن لا إله إلا الله.. وأن محمدا رسول الله.. واجتماع سنوي يرتفع فيه صوت الإنسان المسلم ليرتفع إلى عنان السماء. وللحديث بقية.