13 سبتمبر 2025

تسجيل

هوس البرشا ومدريد (2)

11 أكتوبر 2012

إذن، لم أكن أحد ال 400 مليون شخص حول العالم الذين تابعوا المباراة الأخيرة بين قطبي العالم نادي برشلونة وغريمه الأزلي ريال مدريد خلف الشاشة والتي أقيمت الأحد الماضي على أرض الأول بملعب "الكامب نو" وانتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين لكل منهما. وهي بالمناسبة المرة الأولى، منذ سنوات، التي لا أشاهد فيها مباراة الكلاسيكو. لم يمنعني عن مشاهدة هذه المباراة ظرف طارئ أو انشغالي بأمور أخرى، بل اتخذت قرارا بمقاطعتها، لأنني أردت تسجيل موقف احتجاجي ضد مواقف بعض الجماهير العربية، التي ربطت هذه المباراة تحديدا بقضية احتلال إسرائيل لفلسطين، بل نحت منحا سلبيا ومتطرفا ضد عشاق البرشا، واتهمتهم للأسف بدعم الصهيونية، لمجرد أن الإرهابي الصهيوني الجندي في صفوف الجيش الإسرائيلي "شاليط"، الذي أسرته المقاومة الفلسطينية في يونيو عام 2006، وأطلق سراحه في عملية تبادل للأسرى منذ سنة تقريبا، وهو من مشجعي النادي الكتالوني "برشلونة"، قد حضر المباراة وشاهدها من الملعب. عندما بدأ الإعلام العربي يتناقل خبر حضور "شاليط" لمباراة الكلاسيكو، طالب الكثيرون مقاطعة البرشا بحجة دعوته لهذا الجندي الإرهابي لحضور هذه المباراة وتكريمه له، وبرزت في الأفق حربا شعواء بين أنصار هذا النادي وغريمه اللدود ريال مدريد في العالم العربي، وأصبح كل طرف في دفاعه عن فريقه "ملكي أكثر من الملكيين". في دفاعهم عن فريقهم، تساءلت جماهير البرشا لماذا تجاهل الإعلام العربي الدعم الذي أبداه فريق كرة السلة في النادي لفلسطين؟ كما تسابقت إلى نشر صور زيارة رئيس الكيان الصهيوني "شمعون بيريز" العام الماضي، عبر التويتر ووسائل الإعلام الحديث، لمقر تدريبات نادي ريال مدريد، ومصافحته للاعبي الفريق، وعناقه المفضوح مع مدرب الفريق "مورينهو" وتقديم ريال مدريد درع النادي له، بالإضافة إلى قميص الفريق. من جانبها، نشرت الجماهير المدريدية صور زيارة مدرب البرشا السابق "غوارديولا" ومدافعه "جيرارد بيكيه" إلى إسرائيل العام الماضي، وتحديدا الصور التذكارية التي التقطت لهما أمام ما حائط المبكى. بل طالبت بعضها "مؤسسة قطر" الراعي الرسمي للبرشا بإلغاء عقد الرعاية مع الفريق احتجاجا على هذا الموقف، كما دعت قطر إلى ممارسة الضغط على النادي لإلغاء هذه الخطوة المستفزة جدا لمشاعر المسلمين والعرب. والغريب - حسب إحدى المواقع الإلكترونية - أنه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، اعتبر عشاق ومحبو "برشلونة" أن دعوات المقاطعة أمر مبالغ فيه، خاصة أنه لم تصدر تصريحات عن اللاعبين الإسبانيين تؤيد شاليط أو الاحتلال الإسرائيلي. وكان لاعب المنتخب الفلسطيني لكرة القدم محمود السرسك، الذي أضرب عن الطعام لأكثر من تسعين يوما في سجن إسرائيلي قبل الإفراج عنه في يوليو الماضي، قد تلقى أيضا دعوة لحضور هذه المباراة مع كل من رئيس اللجنة الأولمبية الفلسطينية والسفير الفلسطيني في إسبانيا، إلا أنه قرر عدم حضورها بسبب حضور ودعوة "شاليط". لكن السرسك، أكد أنه من محبي البرشا وأنه يسعده حضور مباراة أخرى له في المستقبل. لا أدافع عن موقف نادي برشلونة، الذي أشجعه بحماس لأنني معجب بفلسفة ورؤية ورسالة هذا الكيان الذي هو ليس مجرد ناد، ولكن أرفض هذا المنحى الغريب الذي وصل إليه هوس الجماهير العربية تجاه البرشا ومدريد وخروجه عن إطاره الموضوعي والرياضي الشريف.