12 سبتمبر 2025

تسجيل

بين الجبر والكسر

11 أغسطس 2022

كم من قلب جُبر؟!، وكم من قلب كُسر؟!. وكم من موقف أتى عليه جبر الخاطر فجُبر؟!. وكم من موقف لم نحسن التعامل معه فكسر صاحبه؟!. وكم هي المواقف التي أدهشها جبر الخاطر؟!. وكم هي المشاهد التي شوه صورتها وجمالها الكسر؟!. وكم من إنسان توالت عليه المشكلات فأتت عليه كلمات طيبة مشجعة محفزة فجبرت خاطره وغيرت مجرى حياته؟!. وكم من إنسان حطمته كلمات وإيحاءات سلبية فكسرت خاطره وأرجعته للوراء؟!. فنحن بين قيمة إسلامية حضارية أصيلة ومقام عالٍ يدل على أن نفس صاحبها تعشق معالي الأمور وهي جبر الخواطر، وما سيرة خير قدوة ومعلم الإنسانية صنائع المعروف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بأحداثها ومشاهد صحبه الكرام رضي الله عنهم ومن تبعهم حافلة وشاهدة على هذا المعنى وإلى يومنا هذا يحمله من صفت نفسه ورجح عقله وطاب خلقه، وبين خلق يُعكر صفو الحياة وجمال التعامل وهي كسر الخواطر يحمله من لا يعرف قيمته ومكانته في دنيا الناس. وصدق الشاعر في أبياته المعبرة عن كسر الخواطر وجبرها، فقال: كم من أناسٍ قولُهُم لا ينفعُ لكنه مثلُ العقاربِ يلسعُ جبرُ الخواطر ذاك دأبُ أولي النُهى وترى الجهولَ بكسرِها يتمتعُ فاجعل كلامك بَلسَماً فيه الشفا لا مِشرَطاً يُدمي القلوبَ ويُوجعُ أليس من كسرت يداه أو رجلاه وذهب إلى المستشفى وعالجه الطبيب المختص لكي يجبر هذا الكسر ويلتئم بعد ذلك فيرتاح ويُشفى بإذن الله، إنه الجبر الجسدي ما أجمله!. فما بالك بمن يجبر المشاعر وفي التعامل؟!. أليس من يكفكف الدمع عن الغير جبراً للخواطر؟ أو ليس الكلمة الطيبة لمهموم مغموم جبراً للخواطر؟ أو ليس من أتت عليه مشكلات وأزمات ذهبت إليه وواسيته جبراً للخواطر؟ أو ليس في قضاء حوائج الناس بقدر الاستطاعة جبراً للخواطر؟. وغير ذلك الكثير من المشاهد الحية التي فيها جبر للخواطر. فجبر الخواطر مشاريع حية في الحياة، يتفاعل معها أصحاب القلوب الحية يبتغون رضاه سبحانه وتعالى. فلا يعرفها إلا من جرَّبها وأتى عليها وشرب من كأسها الزلال، إنها لحظات من أجمل اللحظات أن تمر عليك وأنت تُجبر خاطراً!. فهل نُدركها؟ فهي عبادة مهجورة لا ينتبه إليها الكثير من الناس - من غير تعميم. ألا إن في جبر الخواطر لأفراح ومباهج وأشواق وحياة، فصاحب جبر الخواطر يستحق الدعاء والاحترام والوفاء لجميل فعاله. وقد قيل "من سَارَ بينَ النَّاسِ جابرًا للخَواطرِ أدركَه لطف اللهُ في جَوفِ المَخاطر". فواشوقاه لمن جبر خواطرا مكسورة، فاطمئن يا جابر الخواطر!. "ومضة" تأمَّل هذه الكلمات فدروس جبر الخواطر في الحياة لا تنتهي فهي أقوال وأفعال!. قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله "ما رأيت عبادة يتقرّب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم".