15 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); من الآن بدأ الصراع في الولايات المتحدة بين من يؤيد الاتفاق النووي وبين من يعارضه وراح كل فريق يجادل عن نفسه ويوضح رأيه، فأعداء الاتفاق من الحزب الجمهوري ومن لف لفهم لم يدخروا جهداً في معارضته والتهويل من أخطاره فالاتفاق في نظرهم لن يمنع إيران من امتلاك السلاح النووي ولن يوقفها عن العدوان على جيرانها لا هي ولا أذرعها الباطشة ولكنه سيضعها على طريق امتلاك القنبلة النووية والأموال المفرج عنها ستمول مشروعها العدواني التوسعي في الإقليم. أما المؤيدون وفي طليعتهم الرئيس أوباما ونائبه جو بايدن ووزير خارجيته جون كيري فيقولون ليس في الإمكان أبدع مما كان وأن البديل هو الحرب ويبذلون جهودا مكثفة لإقناع الديمقراطيين لدعم الاتفاق النووي مع إيران، وفي هذا السياق أجرى الرئيس أوباما مكالمات هاتفية مع المئات من الذين ينتمون إلى منظمات المجتمع المدني والناشطين السياسيين مثل تنظيم العمل ومركز التقدم وحذرهم من أنهم "إذا لم يتحدثوا بصوت مرتفع فإن الأشخاص أنفسهم الذين ورطوا الولايات المتحدة في حرب العراق سيحاولون قتل الصفقة التي من شأنها رفع العقوبات عن إيران مقابل تقليص البرنامج النووي، وقال لهم "الحقائق في صالحنا ولكن المعركة السياسية ستكون صعبة إذا لم تنشطوا في اتجاه تأييد الاتفاق بصراحة"، وعقد أوباما اجتماعات متعددة مع النواب واستقبل في البيت الأبيض العديد من المشرعين لإقناعهم بالتصويت لصالح الاتفاق بمجرد عودتهم. أوباما بات يخشى من انشقاق محتمل في حزبه يرجح كفة المعارضين للاتفاق وبعد أن كان يقول "إن اسمي سيكون مدونا على هذا الاتفاق" صار يقول "لا أستطيع أن أحمل هذا الاتفاق على كتفي وحدي"، وبينما أكد عدد من الديمقراطيين الليبراليين أن الاتفاق يقدم أفضل فرصة للولايات المتحدة لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي فإن العديد من الديمقراطيين مازالوا يراجعون بنود الاتفاق ولم يقرروا بعد موقفهم. كما أن منهم من أعرب عن معارضته للصفقة وقال إنها ببساطة لا تضمن أن إيران لن تبني أسلحة أو تستخدم السيولة المالية القادمة من إلغاء العقوبات لتمويل الإرهاب واعترف أوباما أن بعض الديمقراطيين يرتعشون ويتعرضون لحملة شرسة معدة وممولة بطريقة جيدة وأن المعارضين للاتفاق أنفقوا(20) مليون دولار على الإعلانات التلفزيونية مع فيضان من الرسائل والمكالمات ضد الصفقة للضغط على المشرّعين" وقال إن أصحاب المليارات يمولون بسعادة هذه الحملة. ولأن أوباما يعلم جيدا أن نتنياهو واللوبي الصهيوني وراء هذه الحملة فقد تودد إلى إسرائيل ونتنياهو في كلماته ولقاءاته الصحفية ففي حديث سابق مسجل مع توماس فريدمان قال سأعتبره فشلا من جانبي، فشلا جذريا لرئاستي، إذا أصبحت إسرائيل أضعف خلال عهدي أو نتيجة لعمل قمت به". بينما قال نائبه في احتفال أقامته السفارة الإسرائيلية "سنسلم إسرائيل العام القادم المقاتلة جوينت سترايك فايتر إف-35 أروع ما لدينا واستطرد مخاطبا اللوبي اليهودي "أنتم تحافظون على مصالحنا ونحن نحافظ على مصالحكم إذن فهيّا نوضّح أمرًا ما ففي الفترة التي يسود فيها بعض الخلافات أحيانًا بين الحكومتين لم يكن هناك رئيس حرص على أمن إسرائيل أكثر من الرئيس أوباما". وأضاف:"أحيانًا يثير أحدنا جنون الآخر ولكننا نحبّ ويدافع أحدنا عن الآخر.. نحن عائلة وفي كلّ عائلة هناك خلافات ولكن ما يوحّدنا أكثر أهمّية ممّا يفرّقنا". لكن السؤال هو: ماذا لو لم يوافق الكونجرس على الاتفاق النووي؟ بادئ ذي بدء يمكن القول بأن الإدارة الأمريكية مقتنعة تمام الاقتناع أن لإيران ميولا عدوانية ومشروعا يطال دول المنطقة، فأوباما قال في حوار أجرته معه الـ"بي بي سي" البريطانية:"إيران ستستفيد من هذه المفاوضات وهذه الاتفاقية وستستخدم قسما كبيرا من الأموال المجمدة لإنعاش اقتصادها ولا أستبعد أن تصل في نهاية المطاف أموال إلى الحرس الثوري الإيراني أو إلى وحداته العاملة خارج الحدود الإيرانية". واستطرد وقال: إيران اتخذت الحزم حتى في الأوقات الصعبة في تمويل ما تعتقد أنه أولوياتها الإستراتيجية ومن الضروري استخدام كل الإمكانات لوقف مثل هذه الحروب بالوكالة وبالإجراءات غير المتكافئة. فالإدارة الأمريكية إذن على اقتناع تام بأن لإيران مشروعها خارج حدودها وقد غضت الطرف عنه طالما أنه لا يضر بمصالحها أو يمس أمن إسرائيل كما تعلم أن روسيا والصين وهما قوتان عظمتان تقفان إلى جانبها وأن التخلي عن الاتفاق لأي سبب والقيام بعمل عسكري ضدها سيلحق الضرر أيضا بعلاقة الولايات المتحدة بحلفائها الأوروبيين، كما قال جون كيري في الوقت الذي يحرم فيه المجتمع الدولي من وضع البرنامج النووي الإيراني تحت المراقبة. ويعتقد أوباما أن الاتفاق النووي المبرم هو في صالح إسرائيل قبل أن يكون في صالح غيرها وأن مخاوف بنيامين نتنياهو ومن اصطف معه ليست في محلها. وفي لقائه مع اثنين وعشرين من قياديي الجالية اليهودية في الولايات المتحدة أجاب باراك أوباما على السؤال المطروح وقال "إن إسرائيل ستدفع ثمنا باهظا في حال رفض الكونجرس الأمريكي الاتفاق النووي مع إيران، لأن رفض الكونجرس الأمريكي للاتفاق يعني الحرب على إيران، لأن إيران بحسب اعتقاد الرئيس باراك أوباما ستنسحب من الاتفاق بمجرد عدم موافقة الكونجرس عليه وهذا ما سيسمح لمعارضي الاتفاق بممارسة الضغوطات لمهاجمة إيران عسكريا وهذا الخيار أي خيار الحرب على إيران ــ سيكون مدمرا للولايات المتحدة وإسرائيل كليهما لأنه يعني تعرض إسرائيل ومدينة تل أبيب للصواريخ من قبل حزب الله اللبناني، وإسرائيل هي التي ستدفع ثمن الحرب على إيران. وتساءل أوباما بواقعية شديدة:"ماذا ستفعل إيران عندما نهاجم المفاعلات النووية وندمرها؟ لن تدخل في حرب معنا ولن تقصف نيويورك بصواريخها، ولكنها ستختار طريق الدعم الواسع والكبير لمنظمات الإرهاب وصواريخ حزب الله سوف تسقط على إسرائيل وفي قلب مدينة تل أبيب ويمكن لإيران أن تستخدم الزوارق والسفن الانتحارية ضد بوارجنا الحربية ولكنها لن تقصف مدن الولايات المتحدة وهكذا فإن الإدارة الأمريكية تتوقع سيناريوهات مرعبة إذا قال الكونجرس "لا" للاتفاق وأخيرا لابد أن ندرك أن إستراتيجية أوباما تتجه إلى شرق آسيا وتعتمد على القوة الناعمة والقوة الذكية عوضا عن القوة الصلبة وهي لا تريد أن تحارب بنفسها في بؤر العالم المتوترة وإنما عن طريق وكلاء لها وقد أدرك أوباما أخطاء الإدارة السابقة حين غزت العراق فرتبت بهذا الغزو نتائج كارثية كان من أهمها ظهور داعش وانفراد إيران في الساحة كقوة بلا منافس وإنفاق 3 تريليونات دولار، وقال بوضوح إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تتحل بالحكمة في حربها على العراق، الأمر الذي ساعد على تطوير برنامج إيران النووي وامتلاكها لأجهزة طرد نووية لذلك كله فإننا نعتقد أن أوباما لن يفعل في إيران ما فعله بوش في العراق وسيمنع إسرائيل من ضرب المفاعلات النووية الإيرانية بأي وسيلة لأنه قرأ التاريخ جيدا ولذا فقد اختار الاتفاق عوضا عن الحرب.