31 أكتوبر 2025

تسجيل

بعد وفاة العلامة وهبة الزحيلي.. ماذا يجب أن نعمل؟

11 أغسطس 2015

في مستهل هذا الأسبوع يوم السبت الماضي أخذت أطلع وأقرأ عبر الفضائيات والإعلام العام عن الأخبار وما وراءها فوجدت أن أهم حدث يمكن التعليق عليه هو الموقف التركي القوي بمحاولة إنشاء المنطقة الآمنة للسوريين التي ستحفظ على البعض أرواحهم وتخفف من مأساة هذا الطغيان قليلاً وذلك بتحركات سياسية وعسكرية ملحوظة ونرجو من الله أن تؤتي ثمارها وما عداها كله داخل في البيع والشراء بصفقات عاجلة أو آجلة ولكنني أدركت أن الأهم في هذا الأسبوع هو الحديث باختصار عن علماء الدين والأخلاق والاجتماع ودورهم وأثرهم في الأمة أي أمة خصوصاً أمة العرب والمسلمين وكان الدافع الذي حفّز إلى ذلك هو انتقال أستاذنا الكبير وصديقنا الأعز العلامة البروفيسور وهبة الزحيلي الذي شرف دمشق وريفها بمعرفته الفياضة وأخلاقه العالية وأدبه الاجتماعي الرقيق وبموقفه الذي اجتهد ألا يكون علنيا من المشهد السوري والثورة المباركة وذلك بتصريحات مقتضبة وكلام صريح مع الأصدقاء والمشايخ الربانيين من أقرانه ومحبيه – نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحداً- حيث خلافاً لاجتهاد االبروفيسور محمد سعيد رمضان البوطي – رحمه الله الذي جاء مع الظالم لا مع المظلوم مع أنه وعاء علم كبير جاء موقف الزحيلي – صب الله عليه شآبيب الرحمة والرضوان- موافقا للموقف العلني لفضيلة شيخ قراء دمشق العلامة كريم راجح أنه مع الثورة – وإن لم يكن علنيا- وقد نقلت عنه وكالة الشرق الأوسط منذ عام 2013 أن النظام الفاسد يكيل العذاب للسوريين الذين يتعرضون للتنكيل والتشرد والقتل لإصرارهم على موقفهم معربا عن ألمه الشديد وأنه لن يغادر سورية وسيظل يقوم بواجبه العلمي والديني وأن واجب الأمة دعم علمائها ومفكريها حتى يتحقق لهم مايريدون من الحرية. وأنا شخصياً لا أستغرب موقفه الاجتهادي هذا وهو يصيب في خوض الحَلَبة بشكل أو بآخر سيما وأنه لم يصنف نفسه مع أي حركة أو اتجاه إسلامي بعينه ورغب أن يكون قدر الإمكان للجميع مع التذكير أن موقف من سبقه من العلماء الربانيين القدماء كالعلامة الشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله الطواف على أوعية العلم في زمانه حتى المنافقين والداخلين في حماية التتار وكذلك الباطنيين الشيعة الذين مكنوا هؤلاء المحتلين إذ كان يذهب إليهم ويخاطبهم بقوله: (إن علمكم عليكم لا لكم) ثم يخاطب الشمس والقمر والسماء والأرض والبحر والنهر والجبل والنبات والحيوان ويقول: تعالوا قاتلوا معي التتار أو كان بنفسه وبأتباعه المؤمنين يقيم السرادقات لتدريب الشباب النازحين من جديد ويرسلهم إلى المعركة ويقوم بالتعليم والتزكية والتفقيه بأحكام الجهاد المسلح ويختار من هم أهل للحكمة والسياسة ليجعل للرأي مكانا وكذا فعل نور الدين الزنكي حتى قتله الباطنيون بالسم وكذلك صلاح الدين الأيوبي حتى جرحوه واستمر وأنهى حكم هؤلاء الرافضة وأعاد للإسلام السني ألقه دون أن يقضي على أي طائفة وإنما على المعتدين وتشهد آلاف السنين كم بقي هؤلاء حتى يومنا هذا على دينهم وبعضهم دخل طواعية في الدين الإسلامي الصحيح. وهكذا وبوفاة الأستاذ وهبة الزحيلي نتذكر من جديد من اصطف مع العلماء الربانيين ولا أنسى موقفه من حافظ الأسد حين جمع بعض علماء الشام وأراد أن يفتوا بأنه لاتوجد آية واحدة في القرآن الكريم تفرض الحجاب على المرأة – بعد أن نصب نفسه فقيها- وأخاف بسلطانه وطغيانه المشايخ فكان جواب شيخنا الراحل: أنه لا توجد آية واحدة في القرآن تتحدث عن الحجاب بل توجد ست آيات وكذلك موقفه من بشار الأسد بدايات الثورة السورية وكيف نصحه فلم يعجبه رأيه واغتاظ وقال: نعرف أنك عالم – بالسخرية- ثم التفت إلى من يوافقه فقال له: أنت خليفة المسلمين. حدثنا بذلك من أسرّ له الزحيلي بهذا الخبر وهكذا يجب أن يكون علماء الجنة والدين لا أوعية علم الدنيا والسوء لقد هاجم الزحيلي المشروع الإيراني في المنطقة أكثر من مرة وقال للعلامة الشيخ يوسف القرضاوي- حفظه الله-: نحن معك قلبا وقالبا ولكن أنت تعرف الظرف واعتذر عن حضور المؤتمر وهذا ما سمعته بأذني دون وساطة من أحد وهذا ما ننشده من أهل العلم أن يكونوا متحركين متحرقين على الإسلام وأهله خصوصا في بلاد الشام المباركة سواء حضروا بأجسادهم أو كتبهم ورسائلهم وتواصلهم بالداخل مع المجاهدين أو النازحين. واعذرني - أيها القاريء - إن لم أبدأ بسيرة المرحوم الذاتية فإن مقالات كبارا لاتسعها من حيث التأليف والجوائز واعتباره من الشخصيات العالمية المرموقة ومشاركته المجامع الفقهية المتعددة المختلفة مع أخلاقه العظيمة وتواضعه الجم الذي شهدته معه كثيرا وما أحوجنا في هذا العصر – عصر الشهداء- ووقوع الضرر على المسلمين في العالم- مع إكرام الله لهم بالانتصارات – إلى مثل هؤلاء العلماء ودورهم حيث يوضحون جذور الصراعات وفقه المآلات والمقاصد كما ذكر الشاطبي في موافقاته محلياً وإقليمياً وعالمياً وأنّا – لا كغيرنا – لا نقاتل الناس لمجرد انتمائهم الطائفي بل كان المجاهدون في مدينة حمص وغيرها يدعون إلى الحوار مع من خالفهم من العلويين وينذرونهم كي لا تتحقق مصلحة الصهيونية وإيران في سوريا ومن ناحية أخرى فإن الثوار يقاتلون حتى من هم من السنة إذا كانوا مجرمين كما في كتاب فكر وثورة لأحمد سعيد حوى ص 115 ولعل وصايا الرسول محمد في هذه الجوانب أكثر من أن تحصى وعليها سار أبو بكر وعمر وبقية الصحابة والتابعين --رضي الله عنهم ورحمهم – ورحم أستاذنا القدوة في معظم الأمور وهبة الزحيلي الجهبذ الكبير الذي نتشرف برثائه اليوم وكأنه السيوطي في زماننا. ولعله يكفينا قول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير الآية (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) الرعد 41 أي: موت علمائها. كما خرجه الحاكم في المستدرك وكذلك ما رواه ابن مسعود والحسن البصري بإسناذ صحيح: (لموت العالم ثلمة في الإسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار) ومثله ما روي عن علي رضي الله عنه. فهل يبادر الائتلاف الوطني المعارض والمجلس الإسلامي بالإفادة ميدانياً من دور العلماء أم يسبق أحدهما الآخر كما فعل العلامة المحدث الأكبر المرحوم بدر الدين الحسني في جهاده ضد الفرنسيين في سورية(وفي هذا فليتنافس المتنافسون) المطففين25