14 سبتمبر 2025
تسجيلالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم يفكر ويخطط لأمر عظيم طال انتظاره وهو فتح مكة.. تكتم على الأمر وأخفاه حتى عن أقرب الناس إليه وهو أبوبكر الصديق وزوجته عائشة رضي الله عنهما.. إلا أن واحداً من الصحابة وهو حاطب بن أبي بلتعة من بعد أن أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالأمر، قام حاطب فبعث كتاباً إلى قريش يخبرهم باستعداده صلى الله عليه وسلم لغزو مكة.عرف النبي صلى الله عليه وسلم بالموضوع عن طريق الوحي، فبعث الزبير وعلياً والمقداد ليلحقوا بامرأة تولت حمل رسالة حاطب إلى قريش، فأمسكوا بها وأرجعوها إلى المدينة، ثم جيء بحاطب الذي أدرك أنه هالك لا محالة ، لكنه اعترف وصدق مع الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأنه لم يقم بذلك ارتداداً عن دينه ولا حباً في قريش، وإنما خشية أن تنقلب الموازين وينتصر المشركون، فيقوم المسلمون الأقوياء بحماية عائلاتهم في مكة، وهو لا ظهر له ولا قوة يحمي بها أهله، فأراد أن يكون ذلك نوعاً من الجميل يحفظه له قريش إذا ما وقع ذاك السيناريو السيء. العمل الذي قام به حاطب هو خيانة عظمى بحسب مصطلحات هذا العصر، وجريمة لا أحد يتفق معها أو يطالب بتخفيف عقوبتها وهي الإعدام، خاصة أن الخيانة وقعت وقت حرب وليس وقت سلم حتى يتم النظر في تخفيف العقوبة. لكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد من هذه الحادثة أن يعلم الأمة أمراً مهماً هو عدم تضييق النظرة للأمور والتركيز على الجزء ونسيان الكل، وإنما الأصل أن يتم النظر إلى الأمور بشكل عام ومن كافة الجوانب. حاطب شهد بدراً وهي معركة ليست كأي معركة، ومن ثبت يومها ، كان دليل صدق مع الله، ولم ليكن ليثبت غير الصادقين الراغبين فيما عند الله، وبهم أعز الله الإسلام وشتت الكفر وفرق بين الحق والباطل، ولهذا استحقوا درجة عالية.. ولولا ذاك العمل العظيم والجميل لحاطب في بدر، ما كان يسلم من سيف عمر الذي طلب أن يقطع عنقه، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم ليعارض عمر في رأيه السديد ذلك.. ولكن هكذا صنائع المعروف تقي مصارع السوء.