17 سبتمبر 2025
تسجيليأتي إلينا شهر رمضان الكريم في كل عام ، وينتظره الجميع بفارغ الصبر ، حيث يرى كل منا فيه غايته التي يبحث عنها، فالبعض يرى فيه الفرصة العظيمة لكي يكثف فيه اعمال العبادة حتى يخرج منه مغفور الذنب ، والبعض الآخر يرى فيه شهر المحبة والاخوة والتلاقي والتصالح مع من يحب ومن لا يحب ، والبعض الآخر يرى فيه اهمية عظيمة للصحة، حيث يساعده هذا الشهر في الاقلاع عن كثير من العادات السيئة التي كان يمارسها طوال العام مثل كثرة الاكل وتدخين السجائر او حتى شرب الخمور . واما البعض الآخر فيرى في رمضان فرصة سانحه لكي يراجع فيها نفسه حتى يستطيع ان يقوي من ارادته تجاه مغريات الحياة بعد انتهاء شهر رمضان الكريم وحتى نهاية العام ، وهذا بالطبع امر نستطيع ان نتفهمه من خلال فهمنا لنفس وشخصية الانسان وبالطبع فاننا حين نتكلم هنا عن النفس فاننا لانقصد بها النطفة اللطيفة التي تبعث الحياة في الانسان ولكن حين الحديث هنا عن النفس فاننا نقصد تحديدا ملكات العقل العليا وهنا نستطيع ان نفهم النفس على انها ثلاثة اجزاء يتكامل بعضها مع بعض، الجزء الاول وهو الضمير وهذا بالطبع يتم شحنه منذ اليوم الاول لولادة الانسان بواسطة التعليمات التي يدخلها الآباء والامهات في نفوس ابنائهم فيما يتعلق بالصواب والخطأ والحلال والحرام والمسموح وغير المسموح وغير ذلك مما يقبله المجتمع او يرفضه وعلى النقيض لدور الضمير نجد في الاتجاه المعاكس له قوة الغرائز – وهي قوة تعمل بشكل مستمر ليلا ونهارا وهي تتغذى عن طريق الحواس الخمس للانسان حيث ان استشارة هذه الحواس تزيد عادة من قوة الغريزة لدى الانسان وبالتالي فاننا نعيش كل يوم بل وفي كل لحظة صراعات مستمرة بين قوة الضمير وشدة الغرائز وهذا بالطبع يجهد النفس التي تحاول ان تجد حلولا مستمرة لفك الاشتباك بين هاتين القوتين عن طريق الجزء الثالث من مكونات النفس الا وهو "الانا" حيث يقوم هذا الجزء من خلال استخدام ما يسمى بالحيل الدفاعية مثل الانكار او التبرير او الاسقاط او التسامي او غيرها بتقريب وجهات النظر بين هاتين القوتين واختيار احد الحلول المناسبة ولذلك ترانا غالبا تارة نميل نحو الضمير في بعض الحلول وتارة اخرى نميل نحو رغباتنا وغرائزنا لإيجاد حلول اخرى لعدد من الصراعات النفسية – ومن خلال هذا العرض البسيط نستطيع ان نتفهم الدور الايجابي والكبير الذي نستفيده ونتعلمه خلال شهر رمضان الكريم – حيث يتزود الناس فيه بروحانيات كثيرة وامور دينية مهمة ونعيد تغذية وشحن الضمير – كما انه في نفس الوقت تضعف فيه قوة الغرائز من خلال تقليل المؤثرات التي تثير هذه الغرائز ، مثل منع الطعام والشراب والامتناع عن النظر او السمع او التفكير فيما يغضب الله سبحانه وتعالى وبهذه الآلية فاننا نسهل على الذات عملها ونجعلها توفر طاقاتها ونشاطها وتعيد شحن قوتها وشحذ وسائل دفاعاتها حتى نتمكن من حسن استخدامها طوال الايام الخوالي التي تلي هذا الشهر الكريم .