13 سبتمبر 2025

تسجيل

أذون الخزانة العلاج الضار للاقتصاد المصري

11 يوليو 2012

توسعت الحكومة المصرية في اللجوء إلى أذون الخزانة لعلاج عجز الموازنة، حتى تحول ذلك العلاج قصير الأجل إلى التسبب في مضار متعددة للاقتصاد، لكن الحاجة تدفع الحكومة في الاستمرار في تعاطي ذلك الدواء بغزارة رغم تعدد أضراره. وأذون الخزانة أداة اقتراض قصيرة الأجل تلجأ لها الحكومات لسد الاحتياجات العاجلة، ولهذا تتراوح مدتها ما بين ثلاثة أشهر إلى ستة أشهر وتسعة أشهر وعام، مع إمكانية إصدار أذون بمدد أخرى تقل عن العام أو تزيد عليه قليلا. فقد أصدرت الحكومة المصرية 11 نوعا من الأذون حسب المدد والتي تراوحت بين 91 يوميا و371 يوما. ورغم ما أعلنته الحكومة المصرية قبل سنوات عن اتجاهها لهيكلة الدين الحكومي، للتوسع في الاقتراض طويل ومتوسط الأجل من خلال سندات الخزانة، والإقلال من الاقتراض قصير الأجل، فمازال الاقتراض قصير الأجل يمثل المكون الأكبر بالدين الحكومي. ففي نهاية العام الماضي ومع بلوغ صافي الدين المحلي الحكومي 895 مليار جنيه، فقد بلغ نصيب أذون الخزانة 356 مليار جنيه مقابل 232 مليارا لسندات الخزانة المصرية، واستمر ذلك الوضع في البيانات المعلنة لشهر مارس الماضي. وباستعراض الجهات الحائزة على أذون الخزانة المصرية، نجد استحواذ البنوك على النصيب الأكبر وبنسبة 69 % من الإجمالي في مارس الماضي، وتتوزع النسبة الباقية بين العديد من الجهات سواء من قبل صناديق الاستثمار وشركات التأمين وصناديق التأمين الخاصة، إلى جانب نصيب محدود لقطاع البترول والتعدين وقطاع الخدمات والإسكان وقطاع التجارة. وبلغ النصيب النسبي لقطاع الأفراد من حيازة أذون الخزانة أقل من 3 % من إجمالي القيمة، نظرا لكبر قيمة إذن الخزانة البالغ مليون جنيه وهو ما يفوق إمكانات كثير من المتعاملين الأفراد إلى جانب الدخول في مناقصات للشراء وفرض ضريبة على عوائدها. وكان المتعاملون الأجانب يستحوذون على نسبة ليست قليلة من أذون الخزانة خاصة مع انخفاض مخاطرها، إلا أن المستثمرين الأجانب خرجوا من السوق المصرية بعد الثورة سواء من البورصة المصرية أو من الإيداعات المصرفية. قد شملت أيضا استثماراتهم في أذون الخزانة وهكذا انكمشت قيمة استحواذات الأجانب على الأذون من 65 مليار جنيه في سبتمبر من العام الأسبق، إلى 31 مليارا في مارس من العام الماضي، ثم إلى أقل من 2 مليار جنيه في مارس من العام الحالي، بسبب زيادة المخاطر وتراجع التصنيف الائتماني لمصر وغم ارتفاع نسبة العائد عليها بالمقارنة لما قبل الثورة. وعلى العكس من تراجع مشتريات الأجانب من أذون الخزانة المصرية، فلقد تسبب ارتفاع معدل العائد على الأذون والذي زاد إلى أكثر من 15 % في شهر يوليو الحالي، إلى إقبال شرائح عديدة على شراء الأذون، حيث زادت مشتريات البنوك وصناديق الاستثمار وباقي القطاعات الحائزة، كما زادت مشتريات الأفراد من 2 مليار جنيه في مارس من العام الماضي إلى أكثر من عشرة مليارات من الجنيهات في نفس الشهر من العام الحالي. وتسبب إقبال البنوك على شراء الأذون في إقلالها من الإقراض للشركات، وحسب القوائم المالية للبنوك في مارس الماضي وفي بنك باركليز بلغت نسبة أذون الخزانة إلى الأصول أكثر من 38 %، بينما قلت نسبة توظيفه في القروض عن نسبة 36 % من أصول البنك، وفي بنك المؤسسة العربية المصرفية مصر كانت نسبة الأذون للأصول 36 % مقابل نسبة 28 % للقروض إلى الأصول. وهكذا تسبب ضعف الإقراض المصرفي في تضرر الأنشطة الاقتصادية التي لا تجد تمويلا للعمليات الإنتاجية والخدمية، وفي إطار زيادة مخاطر الاضطرابات الأمنية وتعطل كثير من الشركات كليا أو جزئيا، فقد اتجه كثير من رجال الأعمال لاستثمار جانب من ثرواتهم في أذون الخزانة الخالية من المخاطر ومرتفعة العائد في الوقت نفسه، وذلك على حساب النشاط الإنتاجي وعلى حساب الإيداع بالمصارف. كما تسبب التوسع في الاقتراض الحكومي من خلال أذون سندات الخزانة في زيادة أعباء فوائد وأقساط الدين على مصروفات الحكومة، حيث تشير موازنة العام المالي الحالي إلى بلوغ مخصصات فوائد الدين المحلي 127 مليار جنيه مقابل 6 مليارات جنيه فقط لفوائد الدين الخارجي، ونفس الصورة في سداد أقساط الديون التي تصل إلى 82 مليار جنيه لأقساط الدين المحلي مقابل 11 مليار جنيه لأقساط الدين الخارجي. وبالطبع فإن مخصصات الدين من فوائد وأقساط والبالغة 227 مليار جنيه، تؤدي إلى ضعف مخصصات الاستثمارات والبالغة 56 مليار جنيه مما يعني تأجيل تحسين حياة المواطنين. ورغم تلك المضار للأذون الخزانة فقد استهدفت الحكومة المصرية اقتراض جديد من خلال أذون الخزانة بنحو 82 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي، إلى جانب الاقتراض بنحو 145 مليار جنيه من خلال سندات الخزانة، مما يعقد الأمر بشكل أكبر ويطيل الركود ويؤجل الانتعاش.