31 أكتوبر 2025
تسجيليقول الله عز وجل (فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ) ولاشك أن العافية نعمة عظيمة. قال العباس: يا رسول الله؛ علمني شيئاً أسأله الله عز وجل، قال: سل الله العافية، فمكث أياماً ثم جاء فقال: يا رسول الله علمني شيئاً أسأله الله، فقال لي: يا عباس يا عم رسول الله: سل الله العافية في الدنيا والآخرة. قال المباركفوري: الدعاء بالعافية لا يساويه شيء من الأدعية، ولا يقوم مقامه شيء من الكلام الذي يدعى به ذو الجلال والإكرام. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يمسي ويصبح يقول: (اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي.... ) وفي الحديث (سَلُوا اللهَ العَفْوَ والعَافيةَ، فإنَّ أَحَدًا لم يُعْطَ بعدَ اليَقِينِ خيرًا مِن العَافيةِ) وكان يدعو للميت (اللهمَّ اغفِر له وارحَمه، وعافِه واعفُ عنه). ولمن في القبور (أَسْأَلُ اللهَ لنا ولَكُمُ العَاِفيةَ) وعلم الصحابي أن يقول (اللهمَّ عافِنِي مِن شَرِّ سمعي، وبصري، ولساني، وقلبي، وشَرِّ مَنِيِّي) ولما قالت أمّنا عائشة : يا رسول الله أرأيتَ إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟ فقال: (تقولين: اللهم إنك عَفُوٌّ تحبُّ العفو فاعفُ عني) وفي دُعاء القنوت: (اللهم اهدِني فيمن هدَيت، وعافِني فيمن عافَيت ..). قال الجزري: "لقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم دعاؤه بالعافية وورد عنه صلى الله عليه وسلم لفظا ومعنى من نحو من خمسين طريقا" . تنام وتستيقظ وأنت تسألها ومن حين يُسلِم العبد وحتى الموت وهو يَسأل العافيةَ ، والله تعالى يحب من عباده أن يتصفوا بصفاته، فهو رفيق يحب الرفق، رحيم يحب الرحماء، عفو يحب العفو، ولذلك جاء في وصف النبي أنه لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخابًا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولذلك عفا عن أهل مكة ، وعندما وقع مسطح وتورط في قذف أمنا عائشة حلف أبو بكر أن لا ينفق عليه شيئًا، وكان من الفقراء فنزلت الآيات (وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: بلى والله، إني لأحب أن يغفر الله لي، وأعاد ما كان ينفقه على مسطح. فاللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفُجاءة نقمتك وجميع سخطك.