15 سبتمبر 2025
تسجيليشكل تنظيم "ولاية سيناء" تهديدا مستمرا وقلقا متصاعدًا للمصالح الإسرائيلية، بسبب مراكمته الخبرات القتالية وعجز الحكومة المصرية عن القضاء عليه تمامًا بعد سنوات من الحملات العسكرية والاستخبارية المكثفة ضد التنظيمات المسلحة في عموم سيناء. ورغم التنافس بين التنظيمات المسلحة المنتشرة في سيناء وتباين أدبياتها الأيديولوجية التي تصل حدّ تكفير بعضها لبعض إلا أنها جميعًا تلتقي على ضرب المصالح الإسرائيلية. وقد تتعاون فيما بينها لتحقيق النكاية في العدو الإسرائيلي. يضاف لذلك أن القضية الفلسطينية ما زالت معينا لا ينضب في استقطاب المتعاطفين والمجنّدين لصالح التنظيمات المسلحة. ونكاد لا نجد تنظيما ينشط في سيناء لا يرفع شعار "تحرير الأقصى" من يد اليهود الغاصبين. تزايد التهديدات على المصالح الإسرائيلية دفعت الأخيرة لتدشين وحدة عسكرية متخصصة تدعى "كاركال" تتولى تأمين مسافة 394 كلم من الحدود الفاصلة بين سيناء وإسرائيل، بحيث يكون عناصر الوحدة "خط الدفاع الأول" عن المستوطنات والمرافق الحيوية والمستوطنين اليهود الذين يتحركون بالقرب من الحدود. وذلك لمواجهة عمليات تسلل مرتقبة لتنظيم الدولة من سيناء إلى داخل فلسطين المحتلة لتنفيذ عمليات ضد الكيان الإسرائيلي، وفقًا لما نقلته مجلة "ISRAEL DEFENSE" في عددها الصادر في 25 - 5 - 2016 عن مصدر عسكري إسرائيلي.وعلى ذمّة المجلّة الإسرائيلية، فإن المستويات العسكرية والسياسية في تل أبيب تشعر بالإحباط من النتائج التي حققها الجيش المصري في حربه على تنظيم "ولاية سيناء"، رغم أن إسرائيل سمحت للسلطات المصرية بتجاوز بنود الملحق الأمني في اتفاقية "كامب ديفيد" والدفع بقوات ومعدّات ثقيلة لشمال سيناء. مرجعة عجز الحملات العسكرية والأمنية المصرية المكثفة ضد التنظيمات المسلحة وفي مقدمتها تنظيم ولاية سيناء من تحقيق أهدافها المطلوبة لفقر المعلومات الاستخبارية التي تعدّ أهم المشاكل التي يواجهها الجيش المصري في حربه داخل سيناء، مشيرة إلى أن الجيش المصري يكاد لا يملك القدرة على جلب المعلومات الاستخبارية بتوظيف التقنيات المتقدمة. وتشدّد المصادر على أن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، تلعب دورًا في تزويد المصريين بمعلومات استخبارية يتمّ جمعها عبر "وسائل تقنية متطورة". واستباقًا لحالة قد تجد إسرائيل نفسها أمام وضع قتالي مباشر ضد تنظيم "ولاية سيناء" على الأراضي التي تحتلّها، دون مقدمات سابقة، لا ترى دوائر صنع القرار الإسرائيلي أن أقل ما يمكن أن يحققه الجيش المصري في مواجهته المباشرة من مشاغلة لولاية سيناء هو الحيلولة دون تفرغ التنظيم لاستهداف العمق الإسرائيلي إلا أن ذلك لن يكون مطمئنًا بتاتا للإسرائيليين على المدى المتوسط والبعيد. وبناء عليه لابدّ من إنهاء إسرائيل حالة المراقبة واعتماد سياسة التدخل الاستباقي لمساندة الجيش المصري في حربه طالما أن المصالح ستعود بالنفع على كلا البلدين. وعلى ما يبدو، فإن إسرائيل انتقلت من مرحلة المراقبة إلى مرحلة التدخل الخشن في الوضع السيناوي. فقد نقلت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية في 21 - 5 - 2016، عن مصادر قولها إن الجيش والمخابرات الإسرائيلية يزوّدان الجيش المصري بمعلومات استخبارية حول تحركات ومناطق تواجد عناصر "ولاية سيناء".بل يذهب بعض الناشطين السيناويين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن إسرائيل تتدخل عسكريًا في سيناء. وقد نشروا صورًا قالوا إنها لآثار قصف طائرات دون طيار إسرائيلية تنشط بشكل دائم في أجواء سيناء، تأتي من الأراضي المحتلة ويسميها الأهالي "الزنانة".لم تكن أنباء القصف الإسرائيلي لمناطق سيناء جديدة، فهي تعود لما قبل تولي عبد الفتاح السيسي قيادة مصر. وقد أدى القصف إلى مقتل عدد كبير من عناصر "أنصار بيت المقدس". وعرض التنظيم في بعض الإصدارات اعترافات لمن قالوا إنهم جواسيس عملوا لصالح الموساد الإسرائيلي حيث قاموا بوضع شرائح اتصالات لأهداف قصفتها الطائرات الزنانة الإسرائيلية. ففي 18 أغسطس 2011، قامت الطائرات الإسرائيلية بقصف نقطة حدودية تابعة لقوات حرس الحدود المصرية شمال سيناء ما أدى إلى مقتل 5 من عناصر القوات المصرية، وجاء هذا التدخل الجوّي كردّ فعل على تسلل عناصر من أنصار بيت المقدس، وتنفيذهم عملية إيلات التي قتل فيها 8 جنود إسرائيليين وأصيب آخرون. الأمر الذي واجهه رئيس المجلس العسكري المشير "طنطاوى" في حينه، بالإعراب عن احتجاجه والمطالبة باعتذار، في حين اندلعت موجات غضب شعبية في القاهرة وبعض المحافظات واقتحام المتظاهرين للسفارة الإسرائيلية بالقاهرة.ومع عودة الحديث مجددًا في الوسائل الإعلام الإسرائيلية عن تنسيق إسرائيلي مصري على أعلى مستوى في سيناء، والتدخل العسكري الإسرائيلي المباشر ضدّ التنظيمات المسلحة في سيناء في أكثر من مناسبة ومكان يتطلب توضيحًا مصريًا، لاسيَّما وأن الأمر لم يعد يقتصر تداوله على الساحة الإسرائيلية، بل يتداوله بعض الناشطين السيناويين على مواقع التواصل الاجتماعي.