15 سبتمبر 2025
تسجيلهو العالم القدير، والفقيه النحرير، والنحوي الكبير، الشيخ محمد بن جابر بن عبد الله بن أحمد الجابر. ينتسب إلى أسرة آل جابر المنحدرة من بني تميم وقد نزل والده جابر بن عبد الله التميمي بالزبارة، وانتقل منها إلى الدوحة. قال صاحب إمتاع من نظر في أنساب قبائل قطر. وجابر لتميم كان موطنهم زبارة دوحة يقضون للبشر. والجابر في قطر هي في الأصل عدة أسر مشتركة في الرسم مختلفة في النسب، كما هو الحال في آل محمود والموالك ونحوهم.ولد الشيخ ابن جابر في بلدة المْحَرَّق بالبحرين في أواخر القرن الثالث عشر الهجري تقريبا، ونشأ بالدوحة وكان والده من النواخذة المعروفين فيها. تتلمذ الشيخ في المدرسة الراشدية التي أنشأتها الدولة العثمانية بالدوحة وبعدد من العواصم والمدن التابعة لها، درس فيها مدة ست سنوات حتى تخرج، وبعدها انتقل الشيخ إلى الأحساء فأخذ عن علمائها، ثم قصد المدينة المنورة وجاور بها ستة أشهر وارتوى من علم أعلامها، ثم رجع إلى الدوحة فعين مدرسا في المدرسة الراشدية.فلما ذاع صيته وفشا، وتوافر ثناء الناس عليه بلغ فضله الوالي العثماني فأمر بتعيينه قاضيا ثم أصبح مساعدا للشيخ عبد الله بن درهم الذي تقدم به العمر. وعندما قدم الشيخ محمد بن عبد العزيز المانع إلى قطر وأنشأ المدرسة الأثيرية ترك الشيخ ابن جابر القضاء ورجع للتتلمذ على الشيخ ابن مانع كما فتح مجلسه للطلاب الغرباء الملتحقين بالمدرسة من أهل البحرين والإمارات وعمان والكويت وفارس لكي يسكنوا عنده وكان ينفق على أسر بعض هؤلاء الطلبة كما حدثني بذلك بعض أولادهم.ولما سافر الشيح ابن مانع إلى مكة عام 1358 ذهب الشيخ حمد بن عبد الله آل ثاني إلى الشيخ ابن جابر وعرض عليه القضاء لكنه اعتذر تواضعا وورعا، فقال له الشيخ حمد: إنه لا يوجد غيرك. فقبل الشيخ مكرها على شرط إيجاد غيره، فتولى القضاء مرة أخرى وكان يجلس في بيته للقضاء، كما تولى الشيخ رحمه الله الخطابة في جامع بوالقبيب، وجلس لتدريس العلوم الشرعية في بيته، وكان متميزا بميوله لتدريس علوم الآلة لاسيَّما النحو، فأخذ عنه مجموعة من العلماء والأعيان، كان من أبرزهم:• ابنه الشيخ حسن بن محمد آل جابر.• المؤرخ الشيخ محمد بن أحمد آل ثاني.• الشيخ مبارك بن نصر.• الشيخ مبارك بن فضالة السليطي.• الشيخ عبد الرحمن بن محمد السنيدي• الشاعر أحمد بن يوسف آل جابر.• الوجيه عبد العزيز بن خالد الغانم. • الأديب عبد الله بن محمد بن صالح الغزال.وقد كان للشيخ مجلس معروف يقصده العلماء والوجهاء وعلى رأسهم حاكم البلاد وقتها الشيخ عبد الله بن جاسم آل ثاني رحمه الله، وأخوه الشيخ ثاني بن جاسم الذي تربطه بالشيخ ابن جابر علاقة وثيقة وصداقة متينة، حتى إنهما ترافقا في الرحلة إلى الحج. أخبرني الشيخ حمد بن خالد بن ثاني بن جاسم بأن الشيخ ابن جابر تفرس في الشيخ المؤرخ جاسم بن ثاني، فأوصى والده الشيخ ثاني بالاهتمام به، فكان ما تفرسه حقا وصدقا، فلقد صار فيما بعد مؤرخ البلاد الأول رحم الله الجميع وكانت تربط الشيخ ابن جابر علاقة طيبة بالوجيه محمد بن عبد اللطيف المانع.ولقد كانت للشيخ رحمه الله مكتبة كبيرة تميزت بجمع النوادر من الكتب، حيث كان مولعا باقتنائها، وقد آلت بعد وفاته إلى ابنه الشيخ حسن. في عام 1360 توفي الشيخ محمد بن جابر بالدوحة، ودفن بالمقبرة الشرقية، وكان آخر المدفونين من الرجال بها، كما صلي عليه صلاة الغائب بالبحرين والأحساء وجزيرة قيس.أرسل الشيخ عبد الله بن جاسم رحمه الله رسالة تعزية إلى الشيخ حسن بن محمد الجابر، وفيها يخبره بأنه يوليه القضاء خلفا لوالده، لكن الشيخ حسن اعتذر بسبب وصية والده له بعدم تولية القضاء، وأنه يكفي أن يسأل وحده يوم القيامة. هذا وقد خلف الشيخ ابن جابر ثلاثة أولاد وهم الشيخ حسن وأحمد وجابر.قال الشيخ ابن مانع رحمه الله في مذكراته: "في عام 1360 توفي الشيخ محمد بن جابر قاضي قطر، ونعم الرجل، لازم القراءة عندي في الفقه نحو عشرين سنة".