14 سبتمبر 2025

تسجيل

ما الذي يجري في حزب العدالة والتنمية؟

11 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يتربع حزب العدالة والتنمية في تركيا على السلطة منذ ما يقرب من 15 عامًا. طوال هذه المدة، لم يخسر أي انتخابات وكان يتنافس دومًا مع ذاته، لم يسجل أي تراجع في أي من الانتخابات التي خاض غمارها، باستثناء انتخابات 7 يونيو 2015. إن ما سبق يعتبر واحدة من التجارب النادرة في التاريخ السياسي لتركيا. إن الحقيقة التي تحظى باعتراف الجميع هي، أن رجب طيب أردوغان كان وراء جميع تلك النجاحات. فقيادته، أسلوبه السياسي، إدارته للأزمات، تحمله للمخاطرة وقراراته الشجاعة، أوصلت الحزب إلى كل تلك النجاحات.تمكن أردوغان من تغيير قواعد السياسة في تركيا، ومضمون المفاهيم السياسية، بل وحتى هيكلية المعارضة، إنه حقّا بهذا القدر من التأثير والقوة. لم ينجح على مستوى تركيا فحسب، بل تسبب بحدوث تغيير وتحوّل في العالم الإسلامي، محدثًا انفتاحًا جديدًا كليًا بين الديمقراطية والعلاقة مع الإسلام، وعلاقة الإسلام بالعلمانية، متبوئًا موقع الصدارة على هذا الصعيد في العالم الإسلامي.اعتبر حزب العدالة والتنمية التركي نموذجًا في العديد من البلدان، فتم تأسيس أحزاب جديدة، وانطلقت حركات سياسية أخرى، تستلهم من تجربته، ورُفعت صور أردوغان في الكثير من مدن العالم الإسلامي. إن حزب العدالة والتنمية هذا، يواجه قدرًا من المتاعب منذ فترة من الوقت، منذ نحو 5 سنوات، أي منذ مظاهرات ميدان تقسيم (وسط إسطنبول)، والأزمات لا تنتهي في البلاد، كما أن التوترات داخل الحزب لم تخمد منذ ذلك الوقت.واجه كل من الرئيس السابق، عبدالله غل، ورئيس البرلمان السابق بولنت أرينج، وأخيرًا رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، مجموعة من التوترات داخل الحزب، ما أدى في نهاية المطاف إلى ضعفٍ في العلاقات. لم تتمحور المناقشات الجارية داخل أروقة الحزب وبين كوادره على فشل الحزب أو أردوغان، بل تمحورت على المواقف المتخذة حيال الأزمات. دخل حزب العدالة والتنمية في خضم مناقشات داخلية خطيرة في حادثتين: 1 - أحداث ميدان تقسيم، اتخاذ موقف صارم أم لا ضد تلك الأحداث. 2 - اتخاذ مواقف صارمة أم لا تجاه الهجمات التي شنتها جماعة فتح الله غولن.في الوقت الذي فضل فيه أردوغان وفي كلتا المناسبتين اتخاذ أكثر المواقف صرامة، خالفه البعض متمسكين بضرورة الليونة، ما أدى في الحقيقة إلى تدهور العلاقات بين الزعيم وأصدقائه. وفي غضون ذلك، أظهرت الأيام قدرة أردوغان على تجاوز كلتا الحادثتين، ولعب دورا مهما في الوقاية من أحداث مشابهة، والصمود في وجه الضغوط الناجمة عن الأزمة. لم يقف أردوغان عند ذلك فقط، بل أبدى مقاومة ومتانة ملحوظة، في التعامل مع منظمة "بي كا كا" الإرهابية، والحرب في سوريا، والأزمة الروسية، واعتداءات تنظيم "داعش" الإرهابي، ومقاومة التوترات مع الاتحاد الأوروبي، مما أسهم في تعزيز تماسك البلاد. يجب على المرء الاعتراف بأن فرص شخص آخر غير أردوغان، كانت ستكون منخفضة جدًا على صعيد إنقاذ البلاد من جميع المنعطفات الخطيرة والأزمات التي مرت بها. إن القيادة الكاريزمية لأردوغان، تمنعه من تقاسم السلطة مع شخص آخر، وعلى الشخص الذي يريد العمل معه بانسجام، القبول بذلك.أردوغان نفسه، كان يمتلك تلك الميزات القيادية، عندما سلم غل رئاسة الجمهورية، وداود أوغلو رئاسة الوزراء، بكلتا يديه.إن السياسيين داخل الحزب، الذين قبلوا بتبوؤ تلك المناصب رغم علمهم بالميزات التي تميز شخصية أردوغان، ثم حاولوا بعد ذلك الإصرار على تنفيذ رؤيتهم، واجهوا أزمة خطيرة كان لا مفر منها. وهذا هو السبب الذي دفع رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو إلى الاستقالة، فإصرار داود أوغلو على تسلم زمام المبادرة، وتنفيذ رؤاه بعيدًا عن قبول أردوغان أو عدمه، ورفض بعض رؤاه، كان سببًا رئيسيا في ظهور بعض التوترات والمشاكل التي لا يمكن إصلاحها، وفي النهاية الوصول لنقطة تدفع الأول إلى التخلي عن كل شيء. لكن، وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن المواقف التي اتخذها داود أوغلو، كانت سببًا في تعزيز التوتر وتجذر المشكلة أكثر من تلك المواقف التي اتخذها أردوغان. قريبًا سيكون هنالك مؤتمر عام جديد، وحزب العدالة والتنمية، سينتخب لأمانته العامة الشخصية التي سيشير إليها أردوغان، وبالتالي ستكون تلك الشخصية رئيس وزراء تركيا الجديد. لن تستحوذ تلك الشخصية على الكثير من الأضواء مقارنة بأردوغان، وسوف تعمل بشكل منسجم مع رئيس الجمهورية، وعليه فأنا متأكد من أن تركيا ستستطيع وقتها التحرك بشكل أسرع، وتستطيع التخلص من المشاكل التي تواجهها بخطوات أكثر عملانية.