11 سبتمبر 2025
تسجيلبين إصرار "نتنياهو" العالق عند أسوار رفح وقد ربط نصره باقتحامها، وممانعة "بايدن اللفظية المتكررة، يبدو الموقف ذئبقياً، بانتظار تصاعد الدخان الأبيض من عدمه من أروقة التفاوض لوقف إطلاق النار في غزة. لطالما ردت واشنطن على خصومها بأنها معنية بالأفعال لا بالأقول، فإن أفعالها تبدو مناقضة لتصريحات مجمل الادارة الأمريكية بل ومخادعة، حيث إنها حتى الآن لا زالت تمد تل ابيب بجسورها الجوية وكل انواع الدعم الذي يمكنها من الاستمرار في العدوان، وتكابر بعدم اقتناعها بأن الجيش الاسرائيلي واجهزته الامنية يستهدفون المدنيين في غزة خصوصاً الاطفال والنساء وكذا الصحفيين والاعيان على اختلافها من مستشفيات ومدارس وكنائس ومساجد... أمريكا الدولة الأعظم التي تفرض وقائعها بالحديد والنار في كل مكان من العالم تستجدي نتنياهو بعض فتات الإغاثة، على انها ايضاً وكما هو معلوم تدعي اختلافها مع العدو على الوسائل المتبعة للتخفيف من ردود الافعال الدولية وداخل امريكا المقبلة على انتخابات رئاسية يبدو فيها بايدن في اسوأ حالاته بناء على ادائه في غزة، وليس الخلاف في الجوهر بحيث يمكن لواشنطن القبول بارتكاب مجازر اقل وبدل ان يكون الضحايا من المدنيين 150 يومياً بين شهيد وجريح يمكن ان يكون 100، اما بالنسبة لما يمكن تدميره من بنى تحتية فلم يعد هناك شئ قائم منها في غزة وفي رفح لا توجد سوى الخيام. رغم ان هناك من يعتبر ان تهديدات نتنياهو بشأن رفح هي مجرد سقوف تفاوضية عالية، الا أن المؤشرات تذهب بأن واشنطن تخدع الفلسطينيين بالمفاوضات الجارية من اجل تمكين الجيش الاسرائيلي من مباغتة رفح، وعلى هذا الاساس تبني المقاومة إستراتيجيتها على اسوأ الاحتمالات. يبدو ان وزير الخارجية الامريكي"بلينكن" بق البحصة اخيراً حول فخ الاتفاق الحالي المعروض على حماس الذي لا يستجيب لمسألتي الوقف الدائم لاطلاق النار وعودة النازحين الى شمال القطاع دون حراب المحتل، بقصد احراج المقاومة لإخراجها وتحميلها فشل التفاوض ومسؤولية التسبب بالهجوم على رفح بحيث تحصل واشنطن على التبرير الذي ارادته باستمرار شرعنة دعمها للعدوان،عندما قال"هناك اتفاق فوق الطاولة وعلى حماس ان تقبل به وان تسلم سلاحها وتستسلم، مما يعزز فرضية الهجوم المباغت على رفح ويكشف الخدعة الامريكية خصوصاً بعد فشل مهمة "هوكشتين" في بيروت بفصل الجبهتين اللبنانية والفلسطينية، ان الموساد الاسرائيلي كثف من وتيرة تدخل جيشه الإلكتروني تجاه لبنان في كل صغيرة وكبيرة، خصوصاً على ادوات التواصل الاجتماعي لتحويل اي مشادة سياسية او جريمة جنائية لابعاد فتنوية طائفية ومذهبية تصب الزيت على النار خدمة لتفكيك الجبهة الداخلية اللبنانية لاشغال المقاومة كما الدولة اللبنانية عن معركة رفح، خصوصاً ان حزب الله اللبناني وبشكل غير مباشر ربط تدحرج المواجهة نحو الشمول مع العدو بإقدامه على اجتياح رفح وان المحور المقاوم لن يسمح بهزيمة غزة التي دونها كل الجبهات، يضاف الى ذلك ان الهجوم الاسرائيلي على القنصلية الايرانية في سوريا فتح الاحتمالات على مختلف السيناريوهات، وأن امريكا لو كانت صادقة في تباينها مع تل ابيب لوضعت حداً لعربدة تل ابيب في المنطقة ولكل المواجهات التي اندلعت بعد السابع من اكتوبر سواء مع لبنان او العراق واليمن بوقف اطلاق النار الدائم في غزة، الا انها منخرطة فعلياً وبشكل مباشر في الحرب الدائرة بقيادة المحور الاستعماري في البحر الاحمر. "رفح" التي يريدها نتنياهو نموذجاً مكرراً لما جرى في "مجمع الشفاء الطبي"واقعاً فظائعياً وسردية سياسية واعلامية، تستضيف حالياً أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ من مناطق أخرى في قطاع غزة، فرّوا بسبب الحرب الجارية، تقع جنوب قطاع غزة على الشريط الحدودي الفاصل بينه وبين شبه جزيرة سيناء المصرية، وتعتبر أكبر مدن القطاع على الحدود المصرية، حيث تبلغ مساحتها 55 كيلو مترا مربعا، وتبعد عن القدس حوالي 107 كم إلى الجنوب الغربي، يبدو ان المؤشر "الجيوسياسي"الاهم بالنسبة للهجوم على رفح من عدمه، ربطاً بالأيام الاولى للحرب والحديث عن التهجير الى سيناء، يأتي من مصر، فماذا وراء التكتم الشديد للقاهرة؟ كاتب صحفي ومحلل سياسي لبناني