17 سبتمبر 2025
تسجيليحتضنه الشوق لعالم من الثقة، منصبه عالٍ، وعائلته مرموقة، هو من طبقة اجتماعية رفيعة، قد لا تتمكن من مقابلته الا بالصدف، لكنه وبنقاء من القلب قد أفشى اليك بما لم يخبر به غيرك، متمنيا في قرارة نفسه أن يرى فيك نموذجا من الصدق الذي لم يعد يراه إلا ما ندر، وقد يستفيد من نصائحك، أو بالأحرى تجاربك في الحياة، تلك الحياة التي لم يعشها، لكنه لا يمانع أن يتعرف على أصحابها، ليشكل بذلك توازنا في تصوره للحياة، بأن يتعرف على حياة الطرف الآخر من البشر. يرى الآخرين متساوين ما عدا بعض الشخصيات، التي يرى بعينيها ذلك الوميض الصادق النابع من قلوبهم النظيفة، قد يعتبرك شخصيةً منهم، فيبوح لك بمكنون قلبه، وينتظر منك ردة فعل، أو اطراء لسلوكه، قد ينتظر تغير ملامح وجهك، حتى ترشده لمدى تأثرك به. فأحياناً نحتاج للتحدث للآخر حتى نرى وقع تجاربنا عليه، وأحاديثنا وقصصنا لنكتشف ذاتنا في عيون الآخرين أجمع، فنكّون بذلك صورة منعكسة عن أنفسنا، كمن يرى نفسه أمام مرآة، تمثل رأي الأغلبية، لأنها ستتكرر مع أي مرآة أخرى. وحين تفترقان قد يتوجس خيفة منك، وليس خوفا على تفشي اسراره، فمثلك ندرة بالنسبة اليه، قد لا يجدها مرة أخرى وقد تصدمه انت إذا افشيت تلك الاسرار، حينها ستقل تدريجيا ثقته بالقلوب النظيفة، ويراه الآخرون بعد ذلك في برجه العاجي منفرداً متكبراً، إلا أن حقيقته التي باح لك بها كأسرار، باتت منتشرة بين ضعاف النفوس، وعليه فقد كره أن يجرب التعامل الصافي النقي مع غيرك، فقد يعرضه ذلك لصدمة، أو خيبة أمل تفقده الشعور بالاعتزاز بنفسه، إذا ما وثق بهم مرة أخرى. مثل هذه الشخصيات المخضرمة بحكم منصبها، أو درجتها العلمية، أو مكانتها الاجتماعية، تتسم بكونها صادقة القلب، نقية السريرة، احذر أن تفشي أسرارها لتصبح ذا قوة بمعلوماتك أو لأن تثبت شيئا لآخرين، لأنك قد تفقد جزءا من الصدق الذي يرونه وحدهم بك، ورغم الثقة التي أعطوك إياها الا أنهم نادرا ما يتكررون أمامك كشخصيات ترتقي بتحدثك معها، فقد لا تصادف من يثق بك مثلهم، وحينها قد تفقد شيئا من المصداقية التي تجعلك قويا أمام ذاتك وليس الآخرين. وقد تلتقي شخصيات هي من تنقل أسرار هؤلاء اليك، تشعر بداخلك أن هناك شعورا غير مطمئن بداخلك تجاههم، فمن يحترم لا يفشي أسرار الآخرين، ليرى الناس به تميزا بتلك الأسرار، إلا أنهم كثر، بعضهم ينقل لنا صورة طيبة، تجعلك ترى من يتحدث عنه وكأنه نموذج مثالي، وآخر قد ينقل عنهم صورة غير طيبة، فلا تصدق كل ما يقال، بل إن جلوسه معك قد تخلق في نفسه فرصة البوح بما لم يكن أصلا، فيتحدث عنك بما لم تذكر، فقط لأنك جلست مرة معه. بالعودة الى أولئك الذين لا يتكررون، والذين هم كبار، ولا يحتاجون تزكية من أحد، بمجرد أن تكون معهم أيضا قد تسمع الكثير الذي يجعلك تفكر في الابتعاد عنهم، وأقصر الطرق أن يأتيك شخص شاكيا حاله بسببهم، فيدعي أمامك مكرهم وقسوتهم، وإمكانية تغيرهم عليك فجأة، لا تصدقه أبدا فبمجرد ابتعادك، سيخلق قصصا جديدة لأولئك الذين لا يتكررون ليبعدهم هم عنك، وليتضح لك الأمر في نهاية المطاف أنهم لا يتكررون، قد أعطوك الثقة مرة ولكن هذه الثقة لن تتكرر مرة أخرى. [email protected]