11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); إن رؤية الصورة الكاملة للأحداث، مسألة في غاية الأهمية، بالنسبة لمهنتنا (الصحافة)، فعدم امتلاك الصحفي القدرة على رؤية الصورة الكاملة للأحداث، يؤدي إلى فهم قاصر، ما ينعكس بشكل سلبي على قدرته في شرح تفاصيل الحدث للقراء والمتابعين. واليوم، نرى أن العالم الإسلامي يعاني من وجود هذه المشكلة، حيث تقف البلدان والأنظمة التي لا تمتلك القدرة على رؤية الصورة الكاملة، عاجزة عن قراءة السياسات العالمية والتطورات المتعلقة بها بشكل صحيح، ما يؤدي إلى اتخاذ قراراتٍ، تترك آثاراً سيئة في المستقبل على النظام السياسي القائم، وعلى البلد، وعلى بلدان العالم الإسلامي برمتها. لقد أجريت زياراتٍ إلى معظم بلدان العالم الإسلامي، وأتابع عن كثب التطورات الجارية في البلدان المؤثرة بالمعادلة السياسية للشرق الأوسط والعالم، وعليه، أعتقد أن عدد البلدان الإسلامية، القادرة على قراءة المشهد السياسي العالمي بصورة كليّة ومتابعته، والقادرة على بناء علاقات سياسية مؤثرة في “معادلة السياسة العالمية”، قليلٌ للغاية. سيخسر دعاة الطائفيةإن مسألة الحرب الطائفية، تشكل المشكلة الأكبر التي تواجه العالم الإسلامي في يومنا هذا، دعونا نقبل بأن الحروب التي تشهدها كل من سوريا والعراق واليمن، تحوّلت إلى حروب طائفية بين الشيعة والسنة، وأن تلك الحروب أخذت أبعاداً “شيعية، وسلفية، ووهابية” فضلاً عن قضية تنظيم داعش. نرى اليوم أن الشارع في بلدان العالم الإسلامي قد أعرب مراراً وتكراراً وما زال يعرب عن عدم رضاه وعدم ارتياحه من الحروب الطائفية وآثارها، كما أن الدول الغربية وإسرائيل – السعيدة جراء استمرار الحروب الطائفية - ستدرك لاحقاً حجم وأضرار تلك الحروب على المدى الطويل، وتأثيراتها على الاقتصاد والتوازنات العالمية، وإلى جانب كل ما سبق، يبقى داعمو الحروب الطائفية ودعاتها، هم المتضرر الأكبر جراء ذلك الصراع المستعر في المنطقة منذ نحو 4 سنوات، وسيأتي ذلك اليوم، الذي يقف فيه أولئك وحيدون بلا نصير، جراء ما اقترفوا من أفعال. وهنا أود أن أُذكر بأن الخسارة والخذلان كانا على الدوام نصيب دعاة الطائفية والتعصب الطائفي في العالم الإسلامي.سيخسر دعاة الاستقطابإن موضوع الاستقطاب في العالم الإسلامي، هو من أكثر المواضيع التي تتسبب باستنزاف جهود وموارد المسلمين، وتمنعهم من مواكبة مسيرة التقدم، كما أن الاستقطاب الطائفي والسياسي الحاصل، يعتبر أحد أبرز الأسباب الكبرى التي أدت إلى تراجع مسيرة الحضارة في العالم الإسلامي، أمام نظيرتها في العالم الغربي.إن الأيام المقبلة ستثبت حجم الضرر طويل الأمد، الذي تسبب به من يعتقدون بأنهم يحققون نجاحات على صعيد تثبيت مصالح بلدانهم ومصالحهم على المدى القصير، سيما أن ثورة الاتصالات والمعلومات، جعلت العالم يبدو كقرية عالمية صغيرة، يسهل التواصل بين أفرادها ومكوناتها.كما أن الوعي المتعلق بوحدة الأمة الإسلامية، يشتد في نفوس المسلمين يوماً بعد آخر، في بلدان العالم الإسلامي وغيرها من البلدان التي تضم جاليات مسلمة، حيث رفعت وسائل الإعلام الاجتماعي وشبكة الإنترنت الحدود بين الأفراد، وبات في مقدور المسلمين في تركيا، بناء علاقات وطيدة وصداقات مع أخوتهم في قطر ومصر والأردن، بشكل مباشر، كما أن المسلمين في اليابان باتوا قادرين على الاطلاع عن كثب والاستفادة من تجارب أخوتهم في أمريكا، وتشجيع بعضهم بعضاً على تبادل الخبرات والعمل المشترك، ذلك العمل الذي لا يمكن منعه من قبل أي حكومة أو أي نظام سياسي، فضلاً عن أن الشعور بالإقصاء والنبذ، سينمو بشكل أقوى لدى المسلمين، مع استمرار ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب، وبالتالي، فإن كل من يضع نفسه في مواجه ذلك العمل المشترك الناتج عن وعي الأمة، سيملى بخسارة مدوّية. سيخسر الذين فشلوا في تحقيق تكاملٍ اقتصاديالاقتصاد، هو القضية الأهم لأي بلد ومجتمع، وهو أهم من جميع القضايا الدينية والاجتماعية والسياسية، كما أن تردي الأحوال الاقتصادية في أي بلد، يعني قصر عمر النظام الحاكم هناك، بغض النظر عمّن هو في السلطة.لا يمكن تطوير الاقتصاد من الآن فصاعداً، دون الدخول في تكامل مع الاقتصاد العالمي، كما يستحيل على البنى والكيانات الاقتصادية المستندة إلى دخل محدود – كالاقتصادات المغلقة والنفطية – تحقيق استمرارية على المدى الطويل، لذا فحري ببلدان العالم الإسلامي، تحقيق تكامل اقتصادي مشترك، من شأنه توفير ميزات ومكتسبات هامة لاقتصاداتها، في مواجهة القوّة الاقتصادية الكاسحة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ولعل الانفتاح على الاقتصاد العالمي والتكامل معه، يندرج ضمن أهم تلك المكتسبات. كما أن الذين ينتهجون طرقاً مختلفة في هذا الصدد، ولا يبحثون عن وسائل تكامل اقتصادي مستقبلي، هم ممن لا يمتلكون القدرة على رؤية الصورة الكاملة للأحداث.إن العالم الإسلامي سينجح في لملمة جراحه، وسينهض لا محال من تحت ركام اليأس والفوضى التي تعتريه، وأعتقد أن الذين تمكنوا من امتلاك القدرة على رؤية الصورة الكاملة للأحداث، ولم يقنطوا من رحمة الله، هم من سيكتب لهم شرف قيادة العالم الإسلامي.