16 سبتمبر 2025
تسجيلكأنه يعيش بيننا ويعرف واقعنا.. ويعيش أحداثنا.. ويتابع مشكلاتنا.. ويلازم أبناءنا وبناتنا بل وجميع شرائح المجتمع.. ويشارك أسرنا.. استشاري تربوي وتعليمي وأسري ومصلح اجتماعي من الدرجة الأولى.. يقول رأيه.. ينصح.. ينبه.. بحذر.. يتحدث عن الحاضر.. يقرأ الواقع.. يتطلع المستقبل... يوجهنا... ويرشدنا.. ويوقظ إيماننا... يحرك مشاعرنا.. مشفق على أوضاعنا.. يحيي فينا القيم ومنظومة الأخلاق.. يريد لنا الخير والاستقرار في بيوتنا ومجتمعاتنا ومع ذواتنا.. ينشد لنا الصلاح ودروب الإصلاح. وصى ابنه بوصية بأجمل الكلمات المعبرة، نتمنى أن يتأملها أهل الاختصاص في مراكزنا الاستشارية الاجتماعية والنفسية والعائلية والدعوية، ففيها الخير الكثير بإذن الله والبلسم الشافي لكل ما نعانيه من مشكلات وعقبات ومطبات وأهواء وأمزجة في حياتنا الأسرية والمجتمعية والفردية، لو أخذنا بها بشكل عملي وبإيجابية وبتفاؤل واشعاعات من الأمل والعطاء في عصر التواصل الاجتماعي الإلكتروني. وصية غالية، جميلة المعاني، من أب لابنه، والعاقل الواعي المدرك يعرف ما يصلحه ويصلح منهج حياته. ورد في كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء...لابن حبّان البستي رحمه الله... وصية الخطاب بن المعلى المخزومي القرشي وعظ ابنه فقال: له " يا بني.... وإني قد وسمت لك وسما، ووضعت لك رسما، إن أنت حفظته ووعيته وعملت به ملأت أعين الملوك، وانقاد لك به الصعلوك، ولم تزل مرتجى مشرفا يُحتاج إليك، ويُرغب إلى ما في يديك، فأطع أباك، واقتصر على وصية أبيك، وفرغ لذلك ذهنك، واشغل به قلبك ولبك،... ". وهي وصية طويلة، وهناك كلمات في الوصية تحتاج إلى بيان يحسن الرجوع إلى الكتاب لمعرفة معانيها، ونقتطف منها الآتي: — بداية الطريق " فقال يا بني: إن زوجة الرجل سكنه، ولا عيش له مع خلافها، فإذا هممت بنكاح امرأة فسٌل عن أهلها، فإن العروق الطيبة تنبت الثمار الحلوة. واعلم أن النساء أشد اختلافا من أصابع الكف، فتوقّ منهن كل ذات بَذا مجبولة على الأذى ". فيعدد أنواعهن، فالأولى: " فمنهن المعجبة بنفسها المزرية ببعلها، إن أكرمها رأته لفضلها عليه، لا تشكر على جميل، ولا ترضى منه بقليل، لسانها عليه سيف صقيل، قد كشفت القٍحَةُ ستر الحياء عن وجهها، فلا تستحي من إعوارها، ولا تستحي من جارها، كلبة هَرّارة، مُهارشة عَقّارة، فوجه زوجها مكلوم، وعرضه مشتوم، ولا ترعى عليه لدين ولا الدنيا، ولا تحفظه لصحبة ولا لكثرة بنين، حجابه مهتوك، وستره منشور، وخيره مدفون، يصبح كئيبا، ويمسي عاتبا، شرابه مر، وطعامه غيظ، وولده ضياع، وبيته مستهلك، وثوبه وسخ، ورأسه شعث، إن ضحك فواهن، وإن تكلم فمتكاره، نهاره ليل، وليله ويل، تلدغه مثل الحية العقارة، وتلسعه مثل العقرب الجرارة ". والثانية " ومنهن شفشليق شعشع سلفع، ذات سم منقع، وإبراق واختلاق، تهب مع الرياح، وتطير مع كل ذي جناح، إن قال: لا، قالت: نعم، وإن قال: نعم، قالت: لا، مولدة لمخازيه، محتقرة لما في يديه، تضرب له الأمثال، وتقصر به دون الرجال، وتنقله من حال إلى حال، حتى قلا بيته، ومَلّ ولده، وغثّ عيشه، وهانت عليه نفسه، وحتى أنكره إخوانه ورحمه جيرانه ". والثالثة " ومنهن الورهاء الحمقاء: ذات الدّل في غير موضعها، الماضغة للسانها، الآخذة في غير شأنها، قد قنعت بحبه، ورضيت بكسبه، تأكل كالحمار الراتع، تنتشر الشمس ولما يُسمع لها صوت، ولم يكنس لها بيت، طعامها بائت، وإناؤها وضِر، وعجينها حامض، وماؤها فاتر، ومتاعها مزروع، وماعونها ممنوع، وخادمها مضروب، وجارها محروب". وأما الرابعة فأنعم بها وأكرم " ومنهن العطوف الودود، المباركة الولود، المأمونة على غيبها، المحبوبة في جيرانها، المحمودة في سرها وإعلانها، الكريمة التبعل، الكثيرة التفضل، الخافضة صوتاً، النظيفة بيتاً، خادمها مسمن، وابنها مزين، وخيرها دائم، وزوجها ناعم، موموقة مألوفة، وبالعفاف والخيرات موصوفة ". وبهذا تبنى المؤسسة الأسرية. " ومضة " الكتاب جدير بالاقتناء والقراءة والتأمل، لما فيه من الفوائد والنفع في مسيرة حياتنا، فلنتفاءل ونزرع الخير أينما حطت أرجلنا.