15 سبتمبر 2025
تسجيلخاطب رسول الله "صلى الله عليه وسلم "قتلى المشركين في يوم بدر"... فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه، وقالوا ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم. يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم". فهل قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بسب أموات المشركين وقتلاهم؟، وهم الذين حاربوه وآذوه أشد الإيذاء بكافة أشكاله؟ إنه الخلق النبوي الشريف، ((وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ))، ((لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)). وهل تخلق أصحابه الكرام بِشتم قتلى المشركين وسبِّهم؟ وقد نصبوا لهم العداء ودارت بينهم المعارك، فإذا كان هذا حال الجيل الأول - رضي الله عنهم - في تعاملهم مع أعدائهم فمن باب أولى أن نلتزم نحن بهذه الأخلاق والقيم، بكف الأذى عن أموات المسلمين. لقد علموا الحقيقة - رضي الله عنهم- في أنهم أفضوا إلى ما قدّموا،- أي الأموات - فانشغلوا لخدمة دينهم ومجتمعهم وأمتهم ونشر الخير للعالمين، ولم ينشغلوا بسفاسف الأمور من شتم وقذف وقذعٍ وتطاول على الأموات. وما نقرأه اليوم ونشاهده مع الأسف الشديد على مواقع التواصل الاجتماعي من سب وتطاول وإهانة للأموات لهو كارثة وسوء خلق وضعف في التربية. نعم... ابتلينا بأناس يتراشقون السب والشتم وسيء الألفاظ في حق الأموات على منصات التواصل الاجتماعي، وقد روى الإمام البخاري رحمه الله عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". وما شأننا بالأموات حتى نقحمهم في خلافاتنا الاجتماعية، والسياسية، وغير ذلك، فهذه ليست من شيم الرجال وأخلاق الكبار، فالتطاول والاعتداء على الأموات لا طائل من ورائه فهو لن يصل إليهم ولن يبلغهم بشيء، وإنما يؤذي الأحياء، فتحصل بها العداوة والكراهية والبغضاء بين الأطراف، ولن تقف عند هذا الحد. فلنتذكر ولا ننسى الهدي النبوي: "فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا". يقول ابن السماك رحمه الله تعالى "سبعك بين لحييك، تأكل به كل من مر عليك، قد آذيت أهل الدور في الدور حتى تعاطيت أهل القبور، فما ترثي لهم وقد جرى البلى عليهم، وأنت ها هنا تنبشهم، إنما نرى نبشهم أخذ الخرق عنهم، إذا ذكرت مساوئهم فقد نبشتهم، إنه ينبغي لك أن يدلك على ترك القول في أخيك ثلاث خلال، أما واحدة: فلعلك تذكره بأمر هو فيك، فما ظنك إذا ذكرت أخاك بأمر هو فيك؟ والثانية: لعلك تذكره بأمر فيك أعظم منه، فذلك أشد استحكاماً لمقته إياك، والثالثة: لعلك تذكره بأمر قد عافاك الله منه، فهذا جزاؤه إذ عافاك؟! أما سمعت: ارحم أخاك، واحمد الذي عافاك". إلى متى سيستمر التطاول على الأموات وانتقاصهم؟! ألا نتخلق بديننا الإسلامي، ونستقي منه الألفاظ والكلمات الحسنة في مواقع التواصل الاجتماعي ونبتعد كلية عن سب الأموات مهما كانت الظروف والمواقف والخلافات! ألا من عاقل رشيد وعمل سديد. ◄ ومضة: نعم.. ارحم أخاك.. واحمد الله الذي عافاك. [email protected]