15 سبتمبر 2025

تسجيل

هل نحن جاهزون لهذا الزخم الرقميّ المتسارع؟

11 يناير 2024

يشهد العالم تحولًا جذريًا نحو بيئة تكنولوجية تتسارع بشكل مذهل، حيث تتداخل المعلومات والاتصالات لتشكل خيوطًا لا مرئية تربط بين جميع أنحاء المعمورة. وتعكس الحالة الرقمية التي يمر فيها الفضاء السيبراني تفاعلات متزايدة، إذ يجري تداول كميات ضخمة من البيانات بشكل لحظي. ويظهر هذا التزايد بشكل واضح من خلال نشاط الإنترنت والاستخدامات البشرية على الصعيدين الشخصي والتجاري. فإرسال المليارات من الرسائل الإلكترونية وتحميل محتوى ضخم وتبادل المعلومات يحدث بأجزاء من الثانية وبزمن قياسي لا مثيل له، مما يشير إلى تكامل لافت للعمليات الرقمية في حياتنا اليومية. في هذا السياق، يتجاوز مفهوم الحالة الرقمية العالمية مجرد تكنولوجيا الاتصالات، ليتعمق في تأثيراته المتعاظمة في الاقتصاد، والسياسة والإعلام والثقافة، والتفاعل الاجتماعي. وبات يمثل هذا التحول نقلة حضارية تشكّل تحديات وفرصًا جديدة، مع تكامل لا مثيل له في هذا العالم المترابط الذي يشهد تغييرات وتحولات لا حصر لها، ويعكس مؤشرات كمية متزايدة تعبّر عن حجم النشاط الذي يحدث ويحمل في طياته ضخامة المعلومات والاتصالات في وجود بيئة ونسق عالمي تطوري وبنى تحتية تكنولوجية تنتشر بشكل دراماتيكي. اليوم ثمة العديد من المعطيات التي تدلّل على تنامي واتساع ظاهرة الفضاء السيبراني، ولنتخيّل هذا العالم الذي يجري فيه إرسال ملايين النصوص ورسائل البريد الالكتروني وتحميل الفيديوهات والصور وتمريرها ومشاهدتها والتفاعل معها..فمشهد «الحالة الرقمية» العالمية اليوم أكثر ضخامة وتعقيداً مما كنّا نظن. لقد استحوذت شبكة الانترنت على المستخدمين بشكل كبير، بعد أن أصبحت الحياة البشرية مترابطة بشكل كبير مع استخدام الفضاء السيبراني وتطبيقاته القائمة على الابداع والابتكار، سواء في الاتصال الاجتماعي، والبحث عن معلومات، أو التسوق الإلكتروني، وحتى الألعاب والترفيه والتعليم والتعلم والصحة والأعمال..إلخ. وحتى نقرّب قراءة المشهد أكثر، فإن لغة الأرقام تخبرنا بالشيء الكثير، وتلقي الضوء على حجم الزخم التفاعلي في الفضاء السيبراني وتظهر كمّية البيانات والاتصالات التي تمر عبره يوميًا، مما يبرز تحولًا رقميًا هائلاً وتأثيرًا كبيرًا في حياتنا اليومية. تخبرنا بأن عدد سكان العالم تجاوز 8 مليارات في بداية العام 2024 وأن ما مجموعه 5.3 مليار شخص حول العالم يستخدمون الإنترنت منذ بداية عام 2024، وهو ما يعادل 65.7 بالمائة من إجمالي سكان المعمورة. وتشير الاتجاهات الرقمية الحالية إلى أن ثلثي سكان العالم يجب أن يكونوا متصلين بالإنترنت بحلول منتصف عام 2024، وتستخدم الغالبية العظمى من مستخدمي الإنترنت - 95 بالمائة - الهاتف المحمول للاتصال بالإنترنت لبعض الوقت على الأقل، وتمثل الهواتف المحمولة الآن ما يقرب من 57 بالمائة من الوقت الذي نقضيه على الإنترنت، فضلاً عن ما يقرب من 53 بالمائة من الوقت الذي يقضيه العالم على الإنترنت. حركة المرور على شبكة الإنترنت. ومع ذلك، لا يزال أكثر من 6 من كل 10 من مستخدمي الإنترنت في الاقتصادات الكبرى في العالم يستخدمون أجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المكتبية في بعض أنشطتهم عبر الإنترنت على الأقل. هذا يعني أن مستخدمي الإنترنت في العالم قضوا حوالي 12.5 تريليون ساعة من الوجود البشري المشترك باستخدام الأجهزة والخدمات المتصلة في عام 2023. شهد عام 2023 وبداية عام 2024 الكثير من التغييرات في طريقة تواصلنا مع المزيد والمزيد من الأشخاص الذين يستخدمون الفضاء السيبراني مثلاً على صعيد الأرقام المتصلة في استخدام الإنترنت في بداية عام 2024 تم إرسال واستلام حوالي 300.4 مليار رسالة بريد إلكتروني يوميًا، وهناك أربعة مليارات مستخدم للبريد الإلكتروني في جميع أنحاء العالم (لقد زاد هذا العدد الآن). 5.59 مليار حساب بريد إلكتروني نشط في جميع أنحاء العالم وحوالي 1.8 مليار منها حسابات (Gmail) حيث يجري إرسال أكثر من 149.513 رسالة بريد إلكتروني في الدقيقة - وهذا يعني أن عدد رسائل البريد الإلكتروني المرسلة كل يوم هو ~ 215.298.720. وعلى صعيد منصات التواصل الاجتماعي، تتم مشاركة 95 مليون صورة وفيديو على تطبيق (انستغرام) يوميًا. وهذا يترجم إلى 65,972 كل دقيقة!، وعلى صعيد تطبيق فيسبوك يتم نشر 510.000 تعليق، وتحديث 293.000 حالة، وتحميل حوالي 240.000 صورة كل دقيقة. ويتم إرسال ما يقرب من 7 مليارات رسالة كل دقيقة عبر مجموعة تطبيقات البرنامج. وهناك ما يزيد على 406 ملايين مستخدم نشط يوميًا على تطبيق (سناب شات)، حيث يتم إنشاء 5 مليارات مقطع فيديو عبره يوميًا في جميع أنحاء العالم. وتتم مشاهدة حوالي 625 مليون مقطع فيديو على تطبيق (تيك توك) كل دقيقة.ويتم مشاهدة 3.5 مليون فيديو على اليوتيوب في الدقيقة بينما يتم تحميل أزيد من 500 ساعة من المحتوى المرئي على الموقع نفسه. وهناك ما يتجاوز3.2 مليون عملية بحث على محرك غوغل في الدقيقة الواحدة، وأكثر من 6.3 مليون لمجموع اجتماع زوم في الدقيقة أيضاً. وفي نفس الدقيقة يجري إنفاق حوالي 443,000 دولار في متاجر أمازون الإلكترونية، وشراء أكثر من 90 مليون عملة مشفرة. تُظهر المعطيات أعلاه تأثير التحول الرقمي بوضوح في حياتنا، واتساع استخدام الفضاء السيبراني الذي تمكنت وتحكمت تطبيقاته بعقولنا، وأصبحت قوة لا يمكن تجاهلها، فتوسعت استخدامات التكنولوجيا وارتفع عدد مستخدمي الإنترنت، مما أضفى على الحياة نمطًا جديدًا وشكلًا متجددًا يتسم بالتفاعل الرقمي الفعّال والهائل. إن هذا الزخم يفتح أمامنا أبواب التحديات والفرص، ويطرح تساؤلات حول كيفية التكيف مع هذا الواقع المتسارع. فهل نحن جاهزون لمواكبة هذا التحول؟ وكيف يمكننا استثمار هذا الزخم الرقمي لصالح التطوير في ظل مشهد بتنا نقيسه بالثواني والدقائق على روزنامة الإنترنت، دون أن نتمكن من فهم أبعاده الحقيقية أو نعي تداعياته الهائلة.