14 سبتمبر 2025
تسجيلأدرك تماماً مدى استغرابكم من العنوان، ولكن لا تستغربوا من واقعيته، فنحن لا نتكلم عن مجرد مظهر ولن ندخل في الشخصيات لتحليل انفعالاتهم ومشاعرهم، ولكن بالتأكيد لنا وقفات عند آرائهم ومواقفهم. إذ نحن في صدد رؤية الثقافة بالعين المجردة، نريد أن نستشعرها في محيط وفكر وعقل وذائقة، لأننا وصلنا في اعتقادي لمرحلة أحكمنا على العقل لفهم الثقافة ككلمة منزوعة المعنى، بل وأسقطنا عليها كل شيء من دون أن نشعر في ذاتها ومدى انعكاسها على محيط بالكامل. والأهم، كيف نرى هذا الانعكاس في محيطنا يعمل ويفكر ويحرك؟. وبيجامة العقاد ليست إلا طابعا يحمل الإدراك للثقافة أكثر من المفهوم نفسه، بل ويعكس الجاذبية نحو صقل الذات بالنقد والمسارعة بالمقارنة في المعارف في محيط يتسع، من بإمكانه أن يقاوم المظهر ويعبر عن ذاته بصراحة عما هو حوله، فإن اتفقت في الرأي فلك تبريراتك وإن اختلفت فلديك الجرأة في الرد، ولربما المقاومة بدلاً من الاقتناع بسهولة. يهم الوسط الذي ينشأ فيه الإدراك الثقافي، ويهم ما يخرج من ذلك الوسط وما يعود معك وعليك لهذا الوسط أيضاً. فالكم الذي بحوزتك يتطلب المساحة التي ينطلق فيها الرأي، وتستمع لها الأذهان قبل الآذان. وكل تلك الغايات لا تتطلب الشهادات أو الوجاهة أو الطبقية لكي تكون في قمة تنويرها، إنما تظل هذه القاعدة النشأوية التي تخلق الجيل صاحب الرأي وصاحب القضية والساعي للمعرفة والمطلع والمعبر والهاوي والمرح. جيلاً لن يجد في نفسه إلا اللا طبقية عندما يدرك أن الثقافة تجاوزت المكانة وخلقت الروح السوية باختلاف مفكريها المتنافسين ومواهبها المعبرين. فالثقافة ليست استحضاراً في حدث معين، ولن تكون موسماً نتذكره مدة عشرة أيام كي ننساه من جديد، أو يصعب علينا استحضاره في المواسم الأخرى. الثقافة ليست الشريط الأحمر ولا المقص الذهبي ولا هي عرس نحتفل فيه كي نحزن على انفصاله عنا لاحقاً. إذا لم نقدر الثقافة على انها أكثر من كونها شكليات مؤقتة وحشوا إعلاميا، لن نجد للثقافة روحاً ولا منبعاً يظل يعطي ويسيل من خلاله العقل والروح والقلب بلا توقف، فأنت بحاجة إلى من يوحي لك المعنى قبل أن يسايرك في الحدث. أقلامنا تنتعش لفترة ولأسباب إعلامية بشكلياتها المتعددة، وقد تجتاز تبريكات المخضرمين مضموناً وتفشل عند الآخرين تسويقاً. ولكننا نظل نناجي من جديد لأن تحكمنا قلة التعددية في استغلال الوسائل. ما يهم أن يكون الدافع تنشئة الأجيال على الإدراك الثقافي، ولا يتطلب هذا الأمر اللقب ولا المنصب ولا الشهادات العليا ولا البدلة الرسمية، إنما يحتاج إلى الغرس والاكتساب من ذلك الغرس حتى نكون مجددين للجلسات الثقافية المستمرة ذات الروح والحس، والتي تتجاوز الرسمية ولا تنتظرها، حيث نخلق تلك الأبعاد التي تعطي المساحة لصاحب الرأي أن يصقل رأيه بالوسيلة الحديثة، حتى لا تكون الثقافة في نهاية الأمر موسماً. بيجامة العقاد ليست رمزية خالصة لماهية المثقف، ولكنها بالتأكيد تجرد واف يعبر عن الثقافة مضموناً. تظل حاجتنا لمواكبة عصرنا بروح تتشابه مع تواضع العقاد وإدراكه المحوري للثقافة واتساعها كي تكون ثقلاً في محيط يقدمها كنمط حياتي وليس كرسمية ديباجية. [email protected]