20 سبتمبر 2025
تسجيلجلس إبراهيم بن أدهم يوماً، ووضع بين يديه بعضاً من اللحم المشوي، فجاءت قطة وخطفت قطعة من اللحم وهربت، فقام وراءها من فوره وأخذ يراقبها. وجد أن القطة لم تأكل اللحم، بل وضعتها في مكان مهجور أمام جحر؛ يبدو أنه لحيوان قارض أو ما شابه. لكن القطة انصرفت، الأمر الذي أثار عجبه، وظل يراقب الموقف باهتمام، حتى خرج فجأة، ثعبان أعمى قد فُقئت عيناه، وأخذ يجر قطعة اللحم إلى داخل الجحر! فرفع ابن أدهم رأسه إلى السماء وقال: سبحانك، يا من سخرت الأعداء يرزقُ بعضهم بعضا.يظن كثيرون أن الرزق هو المال بأنواعه أو البنين والبنات. لكن دون شك، الرزق أوسع وأشمل من ذلكم بكثير. إذ بالإضافة إلى المال والبنين، فإن دوام العافية مثلاً هو رزق، والراحة النفسية في البيت رزق كذلك، ومثلها في العمل.. وأن تكون الابتسامة على محيّاك دوماً رزق، وأن ترى بالمثل من آخرين رزق. أن يوفقك الله في زوجة صالحة رزق.. وأبناء مطيعون صالحون رزق، وأن تتحرك بحرية وأمن وأمان رزق، وأن تنجز الأعمال في وقت قياسي رزق.. وهكذا تتنوع الأرزاق، وتكاد لا تقدر على حصرها، فضلاً عن ذكرها..الشاهد من الحديث، أنك لو دعوت الله أن يوسع لك في رزقك، فلتتسع آفاق دعوتك كذلك، بحيث لا تكتفي بسؤال الرزاق الكريم، عن الأموال والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة فحسب، بل تسأله سبحانه دوماً وأبداً، وبإلحاح شديد، عن دوام العافية والأمن والأمان، والبركة في وقتك ومالك وأبنائك.. فما جدوى المليارات ـ مثلاً ـ في غياب العافية أو الأمن والأمان، أو بوجود أبناء عاقين، أو غير ذلك من منغصات الدنيا ومكدراتها؟ حين ندعو الله أن يوسع لنا في أرزاقنا بجميع أنواعها ـ كإضافة أخيرة في هذا السياق ـ علينا الإدراك والتسليم التام، بأن مسألة توزيع الأرزاق على البشر، إنما وفق حكمة لا يعرفها سوى الرزاق سبحانه، لا علاقة لها بجنس أو مكانة أو عقيدة الشخص، لقوله تعالى: "واللّه فضَّل بَعضَكم على بَعضٍ في الرّزق". أما لماذا وكيف؟ فهذه أسئلة، لن تعود عليك إجاباتها بنفع أو خير، فلا تذهب نفسك عليها حسرات.