27 أكتوبر 2025

تسجيل

إعلاميو الانقلاب يقدمون القدس هدية.. لمن؟

10 ديسمبر 2015

استمرارا لنهجهم في هز الثوابت اليقينية الدينية والوطنية وجريا مع اتجاهات الانقلاب على الإسلام استضاف أحدهم وهو "خيري رمضان" يوم 3 ديسمبر الحالي في برنامجه "كل شيء ممكن" على فضائية الـ(سي بي سي) شخصا وصفه بالمتخصص في التراث العربي المخطوط، وذكر أن له أعمالا روائية منشورة، ومقالات دورية وغير دورية في عدد من الصحف المصرية والعربية.. هذا الضيف حاول البدو كباحث علمي على طريقة من قال "وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تخترعه الأوائل" وكان مما جاء به: (أن المسجد الذي في القدس قد أقيم على أنقاض معبد لليهود، وأن المسجد الذي أسري برسول الله، صلى الله عليه وسلم، إليه وذكرته آية سورة الإسراء هو مسجد كان قرب الطائف في ذلك الزمان، وأن الذي بنى مسجد القدس هو عبد الملك بن مروان بقصد أن يحج إليه المسلمون بديلا عن الكعبة والمسجد الحرام اللذين كانا وقتها تحت حكم المنشق عن دولة الأمويين عبد الله بن الزبير، وأن العرب اخترعوا تسمية مسجد القدس بالأقصى كلعبة سياسية في مواجهة الحق اليهودي فيه).. وأقول: ابتداء فإن ضيف الـ(سي بي سي) والمضيف والضيافة كلهم يأتون في سياق تطوير الانقلاب من العسكري والسياسي إلى الانقلاب على منابع الإسلام ذاته، وذلك ينسجم مع ما باتت تطرحه بإلحاح فضائيات الانقلاب وتكرره من إنكار معلومات الدين الضرورية كتسفيه السنة وكتبها الصحاح والتشكيك بأمهات المذاهب الفقهية واتهام النبوة بالعنف والإرهاب.. إلى آخر هذه الجوقة الإلحادية التشكيكية.وأما أن المسجد الأقصى مقام على أنقاض معبد لليهود، فهذا ما لم يدعه اليهود أنفسهم وعجزوا عن إثباته بدليل ولا حتى بشبهة عبر كل حفرياتهم تحت المسجد الأقصى منذ ما يزيد على أربعين سنة حتى الآن. وأما أن عبد الملك بن مروان قد بناه لينافس به الكعبة والمسجد الحرام وأنه أمر أهل الشام بالحج إليها.. فهذه رواية تدور في مجملها على اسمين اثنين، أحدهما المحدث اليعقوبي مؤلفا ومخترعا والآخر هو المؤرخ الواقدي ناقلا.. أما اليعقوبي كأصل ومنشأ للرواية فهو شيعي مغال مشهور بتحامله على الدولة الأموية وروايته هذه رواية لقيطة لا يدرى لها سند سواه.. وهي تستدعي - بالضرورة - وصف كل المسلمين في بلاد الشام بالضلال وتحريف الدين والاستخفاف بمقدساته وهو ما لا سبيل إليه.. وأما الواقدي، فهو متهم بالكذب في الحديث، ولم تؤخذ رواياته في كتب السنن إلا حديث واحد عند ابن ماجه، وكان أحمد لا يذكر عن هذا الواقدي كلمة.. أما الإمام الذهبي فقد قال عنه: "خَلَطَ الغَثَّ بالسَّمين والخرز بالدر الثمين واستقرّ الإجماع على وهنه فاطرحوه لذلك"، وعنه قال علي بن المديني: عند الواقدي عشرون ألف حديث لم أسمع بها فلا يروى عنه.. وممن اتهموه بالكذب صراحة الإمام الشافعي والنسائي، وقال عنه الإمام البخاري: "ما عندي للواقدي حرف وما عرفت من حديثه فلا أقنع به". بقي أن نقول: إن المسجد الأقصى ليس إلا الذي في بيت المقدس خلافا لما يقوله ذلك الكذاب الانقلابي على قناة الـ(سي بي سي) ينقله عن الواقدي الأفاك عن اليعقوبي الأشد إفكا، ومما يؤكد ذلك ما ورد في الصحاح وأكتفي به عن عشرات الأدلة.. فقد روى أنس بن مالك، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ وَهُوَ دَابَّةٌ.. فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، قَالَ: فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ، قَالَ: ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجْتُ فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام بِإِنَاءٍ.. "، وعنه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: "مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره".آخر القول: لا شك أن طرح هذه القضية وأمثالها في فضائيات الانقلاب المصري بهذا المنطق التشكيكي والتنبيش التخريبي وطرحها على الرأي العام في صورة الاكتشاف العلمي والتجديد لا يأتي إلا في سياق محاولة استغفال هذا الرأي العام والعبث المسخي للذهنية الشعبية والعداوة للإسلام ومحاولة تجفيف منابعه.