11 سبتمبر 2025

تسجيل

اليوم الوطني .. وقفات و دلالات

10 ديسمبر 2014

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تعيش بلادنا هذه الأيام وهي تتنسم عبق الاحتفال باليوم الوطني، هذا اليوم الذي نعتبره ـ نحن الشعب القطري ـ محطة نقف عند ما اشتمل عليه من ذكريات راسخة، و قيم عميقة، و دلالات تتجاوز الفرد لتشمل الأمة في كيانها الجمعي و توجهها الجماعي، إنه يوم ليس كغيره من الأيام من حيث مدلولاته الوطنية و كذا دوره في تشكيل الهوية القطرية ذات الأبعاد العربية والإسلامية. و إن جاز لنا أن تكون لنا من وقفات مع هذا اليوم الذي نتذكر من خلاله ماضينا، لنبني به حاضرنا، و نستلهم منه القيم الوجودية التي عليها أساس مستقبلنا، فإننا نركز في مثل هذا اليوم على الجوانب التالية : ـ إن يومنا الوطني يجد له جذوره العميقة و الراسخة و المتواصلة في يومنا الإسلامي، ذلك اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم هاديا و بشيرا، ذلك اليوم الذي أخرجنا الله فيه بمحمد صلى الله عليه و سلم من ظلمات ظلماء إلى أنوار النور، ذاك اليوم الذي خرجنا منه من ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا و الآخرة، يوم رفع الله فيه من شأننا بين العوالم، و جعل ( الخيرية ) رفيقتنا إلى قيام الساعة .و لقد توارث أجدادنا الأوائل هذا الفضل، و حملوا هذا المشعل، كابرا عن كابر، فردا عن فرد، حاكما عن حاكم، حتى إن حياتهم، بجميع تفاصيلها كانت تعرف لله فضله و جوده، و لذلك اليوم مقامه و مكانته، فعاشوا ـ رغم شظف العيش بمفهومه المادي ـ أسعد خلق الله، و أكرمهم خلقا، و أجملهم طوية، و أسكنهم روحا، و أسعدهم بالله ربا و بمحمد صلى الله عليه و سلم نبيا، فجاد الله عليهم من باب قوله تعالى " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" برزق وفير و عطاء عميم، و مخطئ من ظن أن الرزق محصور في عالم الأشياء، إن راحة البال رزق، و إحاطة المرء بإخوة يحبونه و يحبهم رزق، و نومة لا نغص فيها رزق، و عيش لا ضنك معه رزق، ووفاء الأهل و الأصحاب رزق، و المعافاة في البدن و النفس رزق، و أعظم الأرزاق على الإطلاق دوام الإيمان و طاعة الرحمن في ظل نعمة الأمن و الأمان .هؤلاء هم أجدادنا ، و هم أهل الألى منا ، و لقد سطر لنا التاريخ ما كان عليه الأمير المؤسس لدولة قطر الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله من خير و صلاح، و ما عرف به من علم و حلم ، و ما امتاز به من أدب و شعر و ذوق رفيع ، و كيف ساس شعبه بهذه الروح المتصلة بالله، و هذا الفكر المتشبع بمعاني الإنسانية والخير و العطاء ، فكان خير معبر عن القيم النبيلة و الأخلاق الكريمة التي كان عليها الشعب القطري في تلك الأيام.وبالتالي فإن أعظم ما نستحضره في يومنا الوطني هو هذه القيم، و هذا الامتداد الضارب في جذور التاريخ، بدءا من يومنا هذا، مرورا بما كان عليه آباؤنا و أجدادنا، ووصولا إلى يوم الهدى و النور، يوم بعثة خير البرية و سيد ولد آدم .و تلك هذه السلسلة الذهبية التي ينبغي أن نستحضرها جميعا و نحن نتذكر يومنا الوطني الحبيب إلى قلوبنا بمحبتنا للرعيل الأول و الجيل الطيب من أجدادنا.ثم إن رعايتنا وعنايتنا بالانتماء الروحي و الحضاري و التاريخي لمدلولات اليوم الوطني لا تعني بحال أن تبقى الأمة جامدة بين جدران التاريخ السميكة، و الاكتفاء بذكر الآثار و حكاية الأطلال، بل نتقدم جميعا نحو اقتحام العقبات، و مواجهة التحديات، لنبني حاضرا معاصرا، يعقبه تخطيط لمستقبل واعد .إن هذا التزاوج بين الأصيل روحا و المعاصر مواكبة يعتبر الثورة الثانية، و النهضة في نسختها الحديثة، التي قادها سمو الأمير الوالد، حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله، فلقد عاشت قطر في عهد سموه أزهى أيامها، و أبهى عصورها، و تجلى هذا الزهو و ذاك البهاء أكثر ما تجلى في الربط العميق و السلس بين نهج الألى قيمة و هوية و نخوة و نجدة و صدقا و شهامة و بين اكتساح العالم المعاصر بدوله و هيئاته و تنظيماته بالنموذج القطري في الحكم و السياسة و العدل و الحب المتبادل بين الحاكم و شعبه، فانطلقت قطر تفتح آفاقا أرحب في الرخاء الاقتصادي، و الإشعاع الإعلامي، و الانفتاح العلمي و المعرفي، و مد يد العون للشعوب المظلومة، و المساهمة في نشر مبادئ الأمن و السلم العالمي، و كشف مخططات الظلم أيا كان مصدره، و أيا كان موقعه، مع الارتباط الوثيق بقضايا الأمة العربية و الإسلامية، و خصوصا قضيتنا المركزية، قضية فلسطين، التي سيشهد التاريخ و سيجل بمداد العز و الافتخار إسهامات سموه في الدفاع لا عن كرامة الفلسطينيين، فهم أهل العز و الكرامة، و إنما عن كرامة المليار و نصف مليار من العرب و المسلمين، و قد ووجه سموه بمقاومة شديدة من طرف الخانعين الخاضعين المتواطئين، فبقيت عبارة سموه " حسبنا الله و نعم الوكيل " نارا يصلون بلظاها إلى يوم الدين . فلا نجامل، و ليس من شيمنا المجاملة، إن قلنا إن إحياءنا لليوم الوطني لبلدنا الغالي، إنما هو إحياء ليوم الانبعاث الإسلامي الأول، و ليوم التأسيس لدولتنا الحبيبة، و لا نرى السلسلة الذهبية مكتملة حتى نضيف إليها أيام الشيخ حمد بن خليفة التي كانت بحق أيام معانقة قطر لمبادئ الخير و الفضل و الجود و الكرم و انطلاقها بهذه المعاني إلى آفاق العالمية و ميدان مطلق الإنسانية . و يأتي عصر حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ليتوسط عقد البهاء، و يتوج هذا الإشعاع الوطني و الإقليمي و الدولي لقطر العطاء، و كانت أولى بوادر السير على نهج الألى أن تم تقليد سموه مقاليد الحكم في هذا البلد بأسلوب حضاري، قل نظيره، و عز مثيله، حتى أصبح أقرب للخيال منه لواقع البشر، إن تنازل الأمير الوالد حفظه الله للأمير المفدى حفظه الله، فيه ما فيه من العبر و الدروس و الحكم، ففي هذا التقديم لسمو الأمير دليل على أنه لاحظ للدنيا في القلب، و لا مطمع بالخلود إلى الأرض، بل هي رسالة عظيمة، و رؤية ناضجة، بلغت مداها، و حققت أهدافها، ثم سلم مشعلها للشباب كي يبلغوا بها الآفاق، و يمدوها بهممهم العالية، و إرادتهم الوثابة، نحو مزيد من التوهج و البهاء، مع ارتباط وثيق بالقيم السامية، و الهوية الراسخة، و هذا بالفعل ما شاهدناه و عايشناه مع أميرنا الجديد، فهو للأصالة عنوان، و للمعاصرة هو قائد الفرسان، فأثمر ذلك المزيد من الرخاء، و أضحت الدوحة ملتقى العقلاء، و مدت قطر يدها لمحبي السلام و عاشقي الحرية و الكرامة و الوئام من بني الإنسان، و لا تزال المسيرة مستمرة، و الهمم عالية، و الروح متقدة بحب الشعب و رعاية مصالحه و البلوغ بقطر أسمى المقامات .هذا ما نحرص دائما في مثل هذا اليوم على تلقينه لأبنائنا، و من هم تحت مسؤولياتنا ضرورة أو تطوعا، و خصوصا منهم شبابنا القطري، الذي هو نصف حاضرنا و كل مستقبلنا بإذن الله، لنبلغهم هذه القيم و نعلمهم على هذه المبادئ و الحكم، لتستمر السلسلة، و يتعاقب الخير، و يعم السلام، و أن تبقى جذوة المشعل وهاجة متقدة نورا و نار، نورا على الخير و أهله، و نارا على الظلم و أعوانه .