29 سبتمبر 2025

تسجيل

خطر السلاح الكيماوي في سورية.. مسؤولية من؟

10 ديسمبر 2012

سمع العالم أجمع بالنكتة القديمة الجديدة التي أذاعها الرئيس الأمريكي أوباما علنا بتحذير بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ضد الشعب السوري في آخر ما في جعبته من عتاد التدمير الخطيرة التي لا تقل عن أسلحة الدمار الشامل، إذ إنها قريبة جدا منها في التقتيل والتحريق والتمثيل بل والإبادة شبه الجماعية، ومن المعلوم أن أوباما كان قد أطلق التحذير نفسه قبل عدة أشهر أيضا، ولكن تردي النظام والجيش الأسدي أمام ضربات الثوار خصوصا في قلب العاصمة دمشق وكذلك حالة اليأس والاكتئاب التي وصل إليها بشار الجزار على ما نقله الوفد الروسي الذي زاره مؤخرا وأحس بقنوطه من النجاح تماما في القضاء على الثورة هو الذي جعل الرئيس الأمريكي وساسة الغرب وبان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة يتوافقون على تصعيد هذه النبرة، لعل بشار يفهم لغتهم الجديدة فيخاف من استعمال السلاح الكيماوي في الرد الأخير، ويكتفي بقبول حل سياسي لنقل السلطة، وهذا ما كانت تقوله هيلاري كلينتون في مباحثاتها في دبلن مع وزير الخارجية الروسي لافروف وبمشاركة المبعوث الأممي للقضية السورية الأخضر الإبراهيمي، ولعلنا لا ننسى تحذيرات الغرب وعلى رأسهم أمريكا لصدام حسين من استعمال السلاح الكيماوي الذي ذكروا أنه استخدمه في حلبجة وضرب الأكراد في مذبحة بشعة إحراقا لهم وتذويبا حتى ذهب ضحية ذلك قرابة عشرة آلاف، مع تغافلهم تماما عن مذبحة حماة التي أباد فيها حافظ الأسد أكثر من أربعين ألفا، إذ كانت مصلحتهم معه وهي اليوم مع ابنه ومن أشبه أباه فما ظلم! إن نكتة استعمال سلاح الكيماوي وصفة جاهزة عند هؤلاء حين يريدون أن يقدموا على فعل ما، ولكن لا بأس فإنهم يعملون لمصالحهم ولابد لهم من هذه الآليات والذرائع للوصول إليها ولما يرمون إليه من أهداف إستراتيجية بعيدة المدى في الصراع، ولكننا نحن الذين لا نجيد فهم الأسباب والنتائج ونتصرف بمنتهى السذاجة في سياستنا وتعاطينا مع الأحداث مقتنعين بالمظاهر محللين على أساسها حتى لو كانت باطلة غير فاهمين أن الإعلام الظاهر وحده لا يعطي الحقيقة دون أن نستكنه ما يدار في الغرف المغلقة عند هؤلاء من وراء ذلك. ولذا فإن مما يثير الدهشة والشفقة بل والسخرية أيضا أن تكون تلك التصريحات الإعلامية الشديدة التي تعتبر استخدام السلاح الكيماوي خطا أحمر موجهة حقيقة إلى الأسد ونظامه الجهنمي، وكأن هؤلاء ليس لهم إلا نصرة الثورة السورية اليتيمة والانتحاب على مأساة هذا الشعب الذبيح، فهل فعلوا شيئا معتدا به ذا بال لصالح الثورة والثوار أم أن العكس هو الصحيح إذ تركوا هذا المجرم الذي نصبوه أداة لهم يستمرئ لحوم السوريين ودماءهم ومنحوه المهلة تلو المهلة وصرح عدد من ساستهم وسفرائهم أنهم لا يريدون إسقاط النظام وإن كان ذلك في مجالس محدودة من وراء حجاب حينا وحينا آخر في علن واضح دون استحياء، بل قال أحد سفراء الدولة العظمى أمريكا لأحد قواد المعارضة: لن نفتح الصنبور للثوار على وجه يسقط به النظام، أي إنكم يجب أن لا تنسوا أبداً أن إسرائيل الصهيونية هي في قلب المعادلة وهي التي يجب أن تحمى من خطر الثوار وهي الحارسة للنظام الأسدي وهو الحامي لها والضامن كل توسع استيطاني بتفاهمه معها، إذن لا خطوط حمراء إلا ضد الشعب والثوار وليس ضد الأسد ونظامه، وإن الغاية من وجهة نظرنا إنما هي تحويل اتجاه الرأي العام المؤيد للثورة السورية نحو اتجاه آخر أنه بعد الانتصارات المتلاحقة التي تحرزها خصوصا في دمشق وريفها أن يقبل المتصارعون بقوات حفظ سلام دولية تلك الفكرة التي علموا الأخضر الإبراهيمي أن يدندن بها الآن لإيقاف الثورة قبل أن تنتصر وتقطف ثمارها، أو بالتدخل الدولي بزعامة أمريكا للإنقاذ العاجل لنظام بشار عساه يبقى ويجري التصالح وتقوم الموازنات حسب القوة العالمية والإقليمية ويصار إلى حل ترقيعي يجهض الثورة ويرضي الأطراف الأخرى المصرة على بقاء أداتها المفضلة بشار للحفاظ على نجاح هذا الحل وتبتكر الاتفاقيات والتسويات كما حدث للبوسنة والهرسك حين تفوق المسلمون البوسنيون في الأشواط الأخيرة من الحرب فجاءت اتفاقية دايتون لتجيد المسرحية كما رأيناها ونرى آثارها اليوم، والمهم جدا أن ينعم العم سام كما يشاء في الشرق الأوسط ولا يتهدد من جيرانه أبدا، إن النظام الأسدي بجبنه وخبثه المتأصل في طبيعته مهما كذب وادعى أنه لن يستعمل سلاح الدمار الشامل فإنه لا يفعل إلا العكس، بل هو قد استعمله تماما بإطلاق الصواريخ التي تحمل في رؤوسها غازات سامة وقد رأى الثوار والشعب بل كثير من المتابعين عبر الشاشات كيف أن بعض هذه له تأثير غريب في الضحايا وبرهن على ذلك الأطباء وكذلك فيما فعله في المباني حيث ذابت بعض الجدران، أفلا يستعمل اليوم مع يأسه الشديد غاز السارين ضد الشعب، بل ويعطي ما شاء منها إلى حزب الله أو إيران العدوان اللدودان أيديولوجيا للسوريين، إن الذي عرف طبيعة نظام الأسد ويتذكر ذاك التفجير الذي تم بالأسلحة الكيماوية عام 2007 في مبنى كان يستخدم للصناعات اليدوية في ضواحي مدينة حماة وقتل 15/ شخصا وذلك أثناء تركيب رؤوس صواريخ من نوع سكاد بي لشحنها بغاز الخردل والأعصاب قبل تخزينها يذهب إلى أن هذا المجرم لن يألو في هذه الإبادة قبل رحيله الحتمي عن سورية أو قتله سيما أن جيشه اليوم على حالة هيسترية لا توصف من فقدانه السيطرة، ونحن لا نريد إلا أن نؤكد أنهم مهما مكروا فالله أسرع منهم مكرا وجنود الوطن الأوفياء سيعملون كما هم يضحون اليوم على أن لا يقع شيء على الشعب من تدمير السلاح الكيماوي، وإن شاء الله سيتم القضاء على الظالمين القتلة قبل أن يصلوا إلى أهدافهم، أما أمريكا والغرب ومجلس الأمن والأمم المتحدة لديهم ومن يدعون صداقة الشعب السوري بالكلام فقط فحسبهم السقوط الأخلاقي الذي سوف يسجله التاريخ عليهم وكيف تركوا شعبنا يلاقي مصير الموت وحده غير مبالين بمعاناته الجسيمة إضافة إلى أن الروس والصينيين والإيرانيين ومن لف لفهم يدعمون نظام القتل دون الخجل، وإننا نقول في نهاية المطاف لمن يدعي الدفاع عنا ضد ما يتوقع من استخدام الأسلحة الكيماوية ضدنا لقد أبحتم إبادتنا بكل أنواع الأسلحة وما زلتم، فهل هذا مباح؟ ولتصبروا أيها الثوار فإن جولة الباطل ساعة وصولة الحق إلى قيام الساعة، ومن سل سيف البغي قتل به، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله، ويقلب المتآمرون أكفهم دون نتيجة.