06 نوفمبر 2025
تسجيلذهبت إلى أحد المطاعم في هيوستن الأمريكية، وتعرفت على شاب عربي مصري يعمل في هذا المطعم، وجرى حديث بيني وبينه وأخبرته بأنني قادم من دولة قطر لتلقي العلاج من مرض السرطان بمستشفى إم.دي. اندرسون.بعد دقائق وقبل تناولي وجبة الطعام حضر أغلب العاملين في هذا المطعم يدعون لي بالشفاء وشكرتهم على ذلك وعلى موقفهم الإنساني هذا ويبدو أن الأخ المصري أخبرهم بمرضي وبعد تناولي وجبة الطعام "أكرمت" العامل الذي قام بخدمتي بعشرة دولارات أي ما يعادل 36 ريالاً قطرياً واعتبرتها "دفع بلاء" كما هي عادتنا وبنفس الوقت "كرم" مني لهذا العامل الفقير المحتاج وأيضا كما هي عادتنا نحن العرب المسلمين في "الكرم" وأيضاً تذكرت بعض الطلبة العرب الذين يتلقون التعليم في أمريكا ويعملون في المطاعم لتغطية نفقات دراستهم من غير الخليجيين.طلب مني هذا العامل الأمريكي رقم هاتفي وقال سأدعو لك وأصلي لله لشفائك وأن تعود سالماً إلى وطنك وأعطيته رقم هاتفي وشكرته أيضاً لإنسانيته.وعدت إلى سكني وفي ذهني عنوان مقال يقول "إنسانية الشعب الأمريكي" يتضمن تلك الصورة الإنسانية الرائعة عندما تجمع حولي أغلب العاملين في هذا المطعم يطلبون من الله الشفاء العاجل لي.في صباح اليوم التالي وأثناء استعدادي لكتابة هذا المقال اتصل بي ذلك العامل الذي "أكرمته" وأخبرني بأن والدته مريضة ويحتاج المساعدة وسألته ما نوع المساعدة التي يمكن أن أقدمها له قال إنني بحاجة إلى 500 دولار.. اعتذرت منه وأخبرته انني لست من الأثرياء وأن دولة قطر هي من تدفع تكاليف علاجي وأن المبلغ الذي "أكرمتك" به قطعته من قوت يومي لموقفك الإنساني أنت وجميع زملائك العاملين في هذا المطعم.ولا أخفي عليكم أن تفكيري بدأ يرسم صورة قاتمة ومخيفة وأن هذا العامل يمكن أن يفكر بسرقتي أو الاعتداء عليَّ اعتقاداً منه بأنني ثري وأملك من المال الكثير وأنني سأكون صيداً ثميناً له وهذا ما يحدث لبعض الطلاب العرب، خاصة الخليجيين في أمريكا وسمعنا القصص الكثيرة والحوادث الخطيرة بل أن البعض منهم قتلته تلك العصابات طمعاً في ماله وسرقته.ومن أجل قطع الطريق أمام هذا العامل في حال تفكيره بالاعتداء عليَّ ذهبت في اليوم الثاني لنفس المطعم والتقيت ذلك العامل وأخبرته مرة أخرى بأنني لست من الأثرياء وأنني لا أملك مالاً.. وأخبرت الأخ المصري كذلك لكنني لم أخبره بطلب ذلك العامل مني وإنما اكتفيت بالقول له إنني لست من الأثرياء.وقررت ألا أعود لهذا المطعم مرة أخرى.. والقرار الأهم أن "لا أكرم" أحداً من الأمريكيين لأن هذا الكرم بنظر بعضهم يعتبر "تبذيراً"، و"إسرافاً" وبنفس الوقت يعتقد بعضهم أن من يقوم بهذا "الكرم" هو "ثري" ويملك من المال الكثير.لهذا أنصح كل من يأتي إلى أمريكا أو الغرب عموماً ألا يظهر "كرمه" أو يدفع المال "دفعاً للبلاء"، كما هي عادتنا نحن العرب والمسلمين لأنه يمكن أن ينقلب ضده أو يدفع حياته بسبب هذا الكرم.. أو دفع البلاء لهذا أقول احذروا "الكرم" في أمريكا!!