18 سبتمبر 2025

تسجيل

التنمية العربية إلى أين؟

10 نوفمبر 2013

في زحمة انشغال الشعوب العربية بربيعها المشئوم؛ فقد ابتعدت المهمات والنوايا عن ذلك التضامن العربي الذي أخذ طويلاً مساحة واسعة من جهود ساستنا وإعلامنا دون أن يحقق أرضية خصبة للتعاون بيننا ؛ فلم تعد الجامعة العربية سوى بناية من حجر لا تحرك ساكناً حيال همومنا وقضايانا المتنوعة والمستجدة تبعاً لمتواليات الدهر التي تعصف بالأمة من خليجها إلى المحيط. فالأراضي العربية الخصبة معطلة وطاقة الشباب تركب البحر صوب المجهول والأموال العربية لا يُعرف لها طائل أو قرار. الأسبوع الماضي كنت في المملكة المغربية أحضر المهرجان الدولي للتمور والذي يقام سنوياً هناك بجهود محلية لتنمية الواحات. كان الطريق إلى مقر المهرجان في أرفود شرق المغرب وبمحاذاة الحدود مع الجزائر طويلاً وشاقاً سوى أنه يتيح للعابر التعرف على طبيعة هذا الجزء الواسع من الوطن العربي الكبير فقد كان الفقر والبساطة سمة المشهد في ذلك الطريق الوعر والطويل ناهيك عن كثافة الناس وقلة إمكانات التنمية التي تستوعب قدراتهم ؛ المهم أن كثيرا من المنتجات الزراعية يُمكن الحصول عليها هناك طازجة طرية ورخيصة أيضاً من المزارع المنتشرة على الطريق ربما بسبب ضعف الأسواق المحلية وصعوبة تسويقها في الخارج بقدر أكبر مما هو متاح الآن رغم أن للمغرب تجربة اجتماعية ناجحة في تفعيل التعاونيات المتنوعة والتي يصل عددها لأكثر من خمسة آلاف جمعية في كافة الأنشطة والمجالات حيث توحد جهود المنتجين وتمنحهم بقدر المستطاع بعضا من الفعالية الجماعية. عموماً ما نشاهده في المغرب يتكرر في أكثر من بلد عربي فضعف الناتج المحلي زراعياً أو صناعياً مشهد مألوف في معظم البلاد العربية ويعود ذلك لضعف التبادل التجاري وتسويق الإنتاج بسبب ندرة مقومات التجارة العربية والاستثمار فيها مما يفوت على المجتمعات العربية الاستفادة من دعائم العمل واستثمار الطاقات والموارد ؛ إذ لا يزال التنسيق في مستواه الفعال مفقوداً باستثناء بعض الحالات الفردية وهذا يعود لضعف الثقة البينية ؛ ففي غياب التوافق السياسي العربي الذي وصل مداه إلى حدود التأثير السلبي والاستعداء بل والتحارب ؛ فالأسبوع الماضي كان ساخناً في المغرب تحديداً بعد أحداث السفارة الجزائرية تبعاً لقضية الصحراء الغربية المتنازع عليها بين البلدين حيث تطمح الجزائر تاريخياً لمنفذ بحري على المحيط الأطلسي يدعم إمكانات تصديرها للنفط وهو ما يتعارض مع سيادة المغرب على الصحراء ؛ لذلك ظل الهم والتنازع يأخذان حالات متنوعة بين السخونة والفتور تماشياً مع الظروف المحيطة ومزاج الساسة والجنرالات في كلا البلدين. عموماً الحديث هنا عن التنمية العربية وتفعيل التبادل التجاري بين بلداننا وكذلك تمتين الاستثمار واستغلال موارد التنمية بين العرب بعد أن استنزف الاستثمار في البلاد الغربية الكثير من مواردنا الضخمة التي استغلت دون فائدة أو ربما وجهت ضدنا. ويبقى طموح التفاعل البيني العربي مرهوناً بحالة صفاء سياسي بين كل العرب وهذا ما لم ولن يتحقق قريباً رغم أن طموح كل عربي هو التوافق والوحدة كالنموذج الأوروبي ومعطياته. ولكن أليس في الجامعة العربية وهي تحتضر سياسياً بعض الروح لبعث التوافق الاقتصادي وفرض العمل التنموي بديلاً عن الانشغالات السياسية غير المجدية. فأتمنى أن تفعل الجامعة جهودها صوب التنمية العربية وتحفز صناديق الاستثمار القومية نحو هذا الهدف حتى ولو غيرت أهدفها. فإذا خانتنا السياسة طويلاً فلا يجب أن نُضيع ما تبقى من الفرص لتنمية الشعوب بدلاً من مجرد مساعدة أنظمتها.