22 سبتمبر 2025

تسجيل

أمريكا تتأمل سلوك الهيمنة

10 سبتمبر 2023

حراك العشائر له الكثير من الدلالات لكن أولها هو الوعي الأمريكي بأن كل بيئة لها طبيعتها وساكنيها هم أقدر على العيش فيها وإدارة شؤونها، لذلك فإن من الواضح أن أمريكا اليوم تبحث في ترك التوازنات المحلية في مناطق العشائر السورية لتفرز الأقدر على إدارة الشؤون المحلية ومن ثم التعامل معه، أي ترك العجرفة والحس بأن أمريكا قادرة على إدارة المناطق حسب رغبتها وهيمنتها وحسب تصوراتها وذهنتها وحسب ما ترسم وتتصور، فقد تعلمت دروس العراق وأفغانستان وإن كان متأخرا إلا أنها في نهاية المطاف تركت العناصر المحلية والطبيعة لتقود قراراتها، وهذا يعني أن رؤيتها للعالم وللمنطقة أصبحت أكثر واقعية وتبصر، وهذا يعني أيضا أن فكرة الشرق الأوسط الجديد سيترك للقوى المحلية ورغبتها في مثل هذا المشروع وعدم فرضه على مكونات المجتمع العشائري فهي أصبحت تعي أن مثل هذا الفرض قد تكون قادرة على فرضه في فترة قصيرة ومكلفة وينتهي وينهار في لحظات كما حدث من فيتنام إلى أفغانستان، تترك منطقة العشائر في سوريا اليوم لتحدد مصيرها إما العشائر وإما قسد، ومن ينتصر سيجد أمريكا داعما له، وبهذا تكون أمريكا استوعبت درس الإمبراطوريات من قبلها وخاصة الأنجلوساكسن البريطانية واليوم الفرنسية كما نشاهد في النيجر وأفريقيا، هذا مستوى من الإدراك كان الأمريكي غير قادر على استيعابه مع تكرر الفشل جغرافيا وزمنيا من فيتنام في ستينيات القرن الماضي وحتى الخروج من أفغانستان، دائما ما كان هناك قائل في أن أمريكا لو حاولت أكثر ركزت أكثر بذلت أكثر لانتصرت في كوريا أو غيرها، لكن ومع عدم قدرتها على السيطرة على العراق أو سوريا أو تمكين أوكرانيا من الانتصار أصبح من الجلي أنها غيرت عقيدتها، خاصة في خضم الأحداث في أفريقيا وهي ترى ما تتعرض له إحدى أقدم وأبشع الإمبراطوريات التي تدعي الحضارة والإنسانية والديمقراطية من إذلال وعداء من مستعمراتها القديمة والتي عانت من ظلم واستغلال مقدراتها على مدى قرون، في جو من إنشاء تطور نظام عالمي جديد ينظم له أقرب المقربين مثل بريكس وانضمام دول العالم له، نعم أصبح المشهد أمام أمريكا وشركائها من النيتو وغيرهم جليا لما هي السياسات والإستراتيجيات المناسبة لهذا الزمن. لم يدرك الغرب كم تغير العالم من حولهم لكن مع تسارع الأحداث وتباين آثارها أحدثت هذه المتغيرات تداعيات على العقيدة الأمريكية الغربية الاستعمارية عميقة وثورية في نفسية الغرب ستحدث تغيرات كبيرة في مستقبل الأيام خاصة أن الصين وروسيا ومنظمة البريكس ستكون العامل الثابت المحفز باستمرار لتجنب الفكر الاستعماري والهيمنة على الآخر.