22 أكتوبر 2025

تسجيل

كلفة العودة إلى المدارس!

10 سبتمبر 2018

أعلنت وزارة التعليم والتعليم العالي عن عودة ما يزيد على 300.000 طالب وطالبة إلى مدارسهم، وهو عدد يمثل ما نسبته 12% من عدد السكان، مما يعني بدء عام دراسي جديد، يمتد لعدة شهور، مع ما يترتب عليه من تسارع حركة الحياة، وما ينبني على ذلك من انغماس الأسر في نشاط التعليم لفلذات أكبادهم، وما يصاحب ذلك من آمال رسمية وأهلية كبيرة. مع انبعاث ضجيج الحياة في المدارس، بعد إجازة امتدت لما يقترب من 100يوم، يقع على كاهل الأسر أعباء ثقيلة، تتمثل في تجهيز الأبناء لعودة ميمونة إلى مدارسهم، وما يزيد من ثقل هذه الأعباء أنها تأتي بعد مواسم ومناسبات متتالية، فهي تعقب شهر الصيام والعيدين، وكذلك الإجازات، ممّا يرهق ميزانية الأسر، وينسف جميع اعتباراتهم في الترشيد والتخطيط. ما يميز هذا العام الدراسي عن قبله من الأعوام زيادة كلفة عودة الأبناء إلى مدارسهم، مما يُحمّل الأسر خاصة من ذوات الدخل المحدود عبئا إضافيا، وهمّا جديدا، يتمثل في الرسوم المدرسية التي انطوت على زيادة مبالغ فيها، خاصة في رسوم نقل الأبناء من وإلى مدارسهم، حيث زادت هذا العام بما يمثل سبعة أضعاف أو ما نسبته 650%، أمّا رسوم الكتب فقد زادت بنسبة 100%، ممّا يرهق الأسر جديا، خاصة إذا اعتبرنا أن معدل الأبناء لدى معظم الأسر يقع بين 3-4. ندرك تماما أن الدولة تقدم تعليما متميزا، دالته حصول دولة قطر على المركز الرابع عالميا في جودة التعليم، وهي تتحمل جزءاً كبيرا من كلفته، ومن ضمنها خدمات النقل، مقابل رسوم زهيدة، وكان ذلك مقدرّاً لدى الأهل، لكنها كم كانت مفاجأة حد الصدمة أن يتم رفع الرسوم بهذه الصورة! ممّا أوقع الكثير من الأهل في حيرة مبينة، تتمثل في المقاربة بين توصيل الأبناء بأنفسهم، وما يترتب عليه من إرباك في أعمالهم، مقابل دفع رسوم النقل الذي يزيد من أعبائهم الحياتية. هذه الزيادة في الرسوم تمس حياة الأسر مباشرة، لكن تداعياتها أيضا تزيد من عبء الدولة نفسها، لما يترتب عليه من ارتباك في حركة المرور، والتسبب في الاختناقات المرورية، خاصة في أوقات الذروة؛ صباحا، وعند عودة الأبناء من مدارسهم، كما قد ينتج عنه اضطراب العمل في المؤسسات المختلفة، نسبةً لما ينشأ عن التقاطع بين التزام العاملين في عملهم، مع ما يقابله من التزام تجاه عودة أبنائهم من مدارسهم. إن زيادة كلفة التعليم على الأسر خاصة محدودة الدخل منها، قد يؤدي إلى ما لا يحمد عقباه من أن يؤثر سلبا على نظرة وتقدير الأسر لأهمية التعليم لأبنائهم، ممّا يقود إلى التراخي في التزامهم تجاه هذا الحق المقدس في حياتهم، وصولا إلى عدم الممانعة في تركهم لمدارسهم.  تتطلع الكثير من الأسر خاصة ممن تعاني من أعباء الحياة في كل المجالات إلى إعادة النظر في قيمة الرسوم المدرسية، ونسبتها، ومراجعة أثرها، لكن في حالة الإصرار عليها، فهي تأمل على أقل تقدير، أن يتم وضع بنود ضابطة لهذه الرسوم، تراعي ظروف الأسر، ويتم وضع فئات متدرجة لهذه الرسوم، فمثلا يمكن إعفاء بعض الفئات، وتخفيضها على غيرها، والأخذ بعين الاعتبار عدد الأبناء والأخوة في المدرسة الواحدة، والباص الواحد، وكذلك رسوم أبناء العاملين في الدولة والمدارس، ولا شك بأن هذا يخفف الاثار السلبية على الأسر والدولة والأبناء، كما يبقى التعليم في مرتبة أرفع من الخضوع لاعتبارات مادية، ويرقى كحق أساسي، تراعيه كل الأعراف الدينية والدنيوية، المحلية والعالمية.  إن دولة قطر التي تمتد اياديها البيضاء إلى اركان العالم المختلفة، وتشارك المبادرات الرائدة مع منظمات الأمم المتحدة، وتطرح المشاريع الخيرية، خاصة في حقل التعليم، لا سيما في مناطق الصراع على مستوى العالم، يمكنها بالتأكيد، وفي جميع الأحوال، ان تحفظ حق التعليم المتميز لمواطنيها والمقيمين على أرضها، بعيدا عن كل الاعتبارات المادية والحياتية.