18 سبتمبر 2025
تسجيلعندما يفرض العدو التقسيم الزماني للمسجد الأقصى ويسمح لمستوطنيه بإقامة شعائرهم فيه، وعندما يعتمد بناء مئات الوحدات السكنية لهم في الضفة ضمن خطة لزيادة عددهم إلى مليون حتى سنة 2017، وعندما تدعمهم وتحميهم قواته لحرق البيوت وقتل الناس في الضفة الغربية، وعندما يتعنت في صلفه وتجاهله لعملية التسوية.. وعندما، وعندما.. ثم نجده مستمرا في كل ذلك ومزيدا عليه.. ولا نجد من يقوم بالرد عليه أو ردعه إلا بعض جهود تقوم بها المقاومة إفلاتا من الملاحقات واستثناء على كل الحالة.. فلا يمكن أن يكون هذا حالا طبيعيا ولا يجوز السكوت عليه مجاملة لأحد أو رعاية لمصلحة أيا كانت خاصة أو عامة، وحقيقية أو مزعومة.. ولا بد من تحميل المسؤولية تحديدا وتعيينا عن هذا التدهور على جهة ما يفترض أن تتحرك وأن تفعل وأن ترد.. وأقول: الأكيد أن المسؤولية ليست على المقاومة التي تقوم بما يمكنها وهو أكبر بكثير مما تستطيعه رغم كل الظروف وكل البيئة الرافضة لها محليا وإقليميا وخلافا للسياق الدولي الساكت والمؤازر للعدو.. لا يمكن تحميل المسؤولية على المقاومة التي خاضت وتخوض حروبا حقيقية وانتزعت من العدو انتصارات موصوفة لا ينكرها أو يقلل شأنها إلا عدو ومخاصم عن العدو ويعيش حالة إنكار مطلقة. .وليست المسؤولية على أهل القدس والشعب الفلسطيني في الشتات الذي أخرجوا من المواجهة منذ زمن ليس بالقصير، ولا على الشعب في الضفة والـ 48 أو في غزة فهم يقدمون فلذات أكبادهم ولا يزالون منذ الاحتلال ؛ ولو ترك لهذا الشعب أن يتواجه مع الاحتلال دون أن تقطع طريقه (كلاب السكك) لقارب إنجاز ثورته وللجأ العدو لإعطاء الكثير مما لم يعطه ولا يفكر في إعطائه حتى الآن.. ولا نحمّل المسؤولية للعالم الغربي الصامت ولا لابنه الشرعي (الأمم المتحدة ومؤسساتها الحقوقية والقانونية) فلم يكن التعويل على هؤلاء جديا في يوم من الأيام ولا يفترض أن نعتب عليهم بالتالي ؛ والغرب لا يخفي على الصعيد الرسمي أنه الذي أسس الكيان ودعمه وهو يدافع عنه كمشروع استراتيجي له قبل أن يكون لليهود أو للصهاينة.. ومع ذلك فلا ينكر أن في الغرب على صعيد المعارضات السياسية والمؤسسات الحقوقية والشخصيات المستقلة والبرلمانية من يتبنى قضيتنا أكثر من بعض بني جلدتنا..ولا أذهب بعيدا إذا قلت ولا نلوم حتى الشعوب العربية والإسلامية المنشغلة بهمومها وتلهياتها وتصم آذانها عن كل شيء.. ليس لأن هذه الشعوب معذورة - معاذ الله - فلا عذر في النكوص والتولي يوم الزحف ولا عذر في تنكب فروض الدين والأخلاق الجلية الواضحة ؛ ولكن لأنْ لا أحد يذكر هؤلاء ولا أحد يوبخهم أو يحثهم ويقيم عليهم حجة البلاغ والبيان والإقناع.. لكن اللوم كل اللوم والعتب كل العتب وتحميل المسؤولية كل المسؤولية إنما يقع على الذي يصر على احتكار الشرعية والآمال والأوجاع الفلسطينية ماديا ومعنويا، ويتحكم في القرار الرسمي لرئاسة المنظمة ورئاسة الدولة ورئاسة السلطة ويملك منابر دولية وإقليمية، وورث الثورة بتاريخها وإنجازاتها وفكرها - أو هكذا يرسم نفسه - ثم لا يستثمر شيئا من كل هذه الإمكانات، ولا يحمّل المسؤوليات لمتحمليها، ولا يقاضي العدو ولا يفعّل ولا يلاحق ولا يخاطب ولا يقول شيئا. .وفي مقابل هذا العجز والهوان والتوهان يجتهد في تكبيل يد المقاومة ويصف تنسيقه الأمني مع العدو بالمقدس، ويستهدف المقاومة، وينشغل بالنكايات الصغيرة، ويشغل الرأي العام بصراعات الفصائل " فتح وحماس " وصراعات الفصيل الواحد " فتح دحلان وفتح عباس ".العتب واللوم والمسؤولية على هذا الطرف الذي يدور مع مصالحه الفردية والحزبية، ويحاول تزييف الصورة العامة للشعب واهتماماته فيسمح لعشرات الشبان والفتيات مساء الخميس 20 / 8 الماضي أن يقيموا مهرجانا للاختلاط والشذوذ (الذي سمي حرب الألوان في مدينة رام الله)، ويبث على فضائياته فكر الانهزام والاستسلام ومسلسلات وأفلام العري والفجور والإعلام الهابط فنيا وأخلاقيا.. ويخرج رموزه التاريخية على الإعلام الرسمي لتشويه واتهام الحركة الإسلامية في الـ 48 بالسمسرة في بيع أراضي القدس للمستوطنين.. آخر القول.. لقد دخل العدوان الصهيوني مرحلة حاسمة من إخضاع القضية الفلسطينية.. تجعل السكوت عليه والتلكؤ في مواجهته تدميرا للقضية لا يعذر فيه مترخص مجتهد بقدر ما لا يعذر خاطئ فاسد الذمة.