17 سبتمبر 2025
تسجيلالحلم هو أمل يتبعه عمل مهما كان الألم، الحلم يبدأ خيالا ويراه الناس هزالا ويراه صاحب الإيمان واقعا ينتظر وأملا يرتقب، الحلم هدف يسعى الإنسان لتحقيقه بكل ما أوتي من قوة حتى يستنفد كل طاقاته سعيا لهذا الحلم. الحلم هو دعاء بالليل من الرهبان الربانيين، وحركة دائبة بالنهار من الدعاة المصلحين، خاصة إذا كان هذا الحلم كبيرا يتوازى مع شرف وكرامة وقداسة ومكانة المسجد الأقصى، وللناس أحلام تضعف أو تتضاعف، تكبر أو تتصاغر، تنمو أو تتراجع، ولا أنسى عندما كنت أدرس اللغة الإنجليزية في جامعة أوهايو الأمريكية أن درسوا لنا قصة بعنوان: "My Big Dream" "حلمي الكبير" تحكي قصة شاب أمريكي يذهب كل يوم إلى المحلات الكبرى ينقض ما تم تصفيفه من البطيخ باحثا عن حلمه الكبير أن يأكل بطيخا إيطاليا، وقد احتال أحد مديري هذه المحلات على الشاب فقال له: تعال بعد 15 يوما وأنا أوفِّر لك البطيخ الإيطالي بعد عودتي من رحلتي إلى إيطاليا، ولم يذهب المدير إلى إيطاليا، بل احتال ووضع بطيخا من بين البطيخ في كرتون وكتب عليه "Made in Italy""صنع في إيطاليا"، وجاء الرجل بعد أسبوعين راغبا في تحقيق حلمه في أكل البطيخ الإيطالي فقدم له الكرتون المزيف؛ وقال له هذا هو حلمك يتحقق الآن، فطلب سكينا على الفور، وفتح الكرتون، وقطع البطيخة وأخذ قطعة منها في مشهد رومانسي، وقرب قطعة البطيخ من فمه "يخضم" البطيخ – والخضم هو أكل الأشياء اللينة وهو عكس القضم - وهو يقول: الآن تحقق حلمي الكبير، الآن أنا في الجنة! ""Now my big dream is achieved. I'm in paradise، ولم أجد تعليقا غير قوله تعالى: "ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ" (الحج: من الآية73)، وطلبت من الأستاذة الأمريكية أن يكتب كل طالب منا عن حلمه الكبير، بدلا من هذه التفاهات التي تحولت إلى قصص تدرس بالمدارس والكليات والجامعات الأمريكية، وكتبتُ أحلاما عديدة منها أن أرى الإنسان - من أي دين - يعيش حرا أبيا لا يقهره أخوه الإنسان ولا يعضه الجوع، ولا يظلمه حاكم، ولا يقهره ظالم، ولا يطارده دائن، ولا يخدعه خادع، وجعلت حلمي الكبير تحرير الأقصى الأسير، ويا له من حلم سال له مدمعي، وتجافى له مضجعي، وتشوف له مسمعي، وأبذل له كل ما عندي أو معي؛ كي نطوي صفحة البغي والعدوان، والظلم والطغيان، الذي يقوم به بنو صهيون على أقصانا الأسير وإخواننا وأخواتنا وأطفالنا من أبناء فلسطين، وصدق المتنبي إذ يقول:عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُوَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُلم يكن يوما ما من أحلامي أن أطعم لقمة سائغة، أو أرزق بيتا فسيحا، أو فراشا وثيرا، أو رصيدا كبيرا، أو مركبا سريعا، أو منصبا رفيعا، بل يسيطر عليَّ هذا الحلم الكبير أن أكون قائد جيش التحرير للأقصى الأسير؛ لنُري الله تعالى منا صدق المخلصين، وعزم المجاهدين، وثبات المرابطين، وقنوت الربانيين، وحركة المصلحين، وإبداع السابقين، مع اتباع القرآن العظيم، والنبي الصادق الوعد الأمين.إنني أستحث ذوي الأحلام "الحقيرة" أو الصغيرة أن يعدلوا إلى الأحلام العظيمة أو الكبيرة، وهي أحلام تُذكر في السماء، وتسجل في التاريخ، وليس مثل الأحلام الحقيرة التي تُطوى مع الهوى وتدفن مع اللحظة الأولى.إنني أستحث كل مخلص ومخلصة، صادق وصادقة، داع وداعية، أن يوسِّع حلمه، وأن يعظِّم أمله، وقد ضمن الله لنا أمرين لم يعطهما لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لحاكم طاغ، أو شيطان مارد، وهما: الرزق والأجل، فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر كبير، وقد قال الشاعر:وإذا لم يكن من الموت بدٌّ فمن العار أن تموت جبانافلتعش الحلم الكبير، ولتبذل له النقير والقطمير، والقليل والكثير، غير عابئ بعدد أو عدة لعدو لدود من الصهاينة اليهود، وأنصارهم من بني صليب أو الملاحدة والزنادقة وذلك لقوله تعالى: "ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَىٰ لَهُمْ" (محمد:11)، فهل يخشى أولياء الله من أولياء الشيطان؟!أقول لكل إخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي كونوا - بالله عليكم - أصحاب كرامة في العقل والقلب والإرادة والحلم الكبير، فحقائق اليوم هي أحلام الأمس، وحلمنا الكبير اليوم هو عين الواقع غدا، وبإذن الله تشرق الشمس على الأقصى محرَّرا.