16 سبتمبر 2025
تسجيليتأثر سوق النفط العالمي بالمتغيرات العالمية باعتبار أن النفط سلعة شديدة الحساسية من الاضطرابات السياسية والاقتصادية، وهو أمر طبيعي عندما يشهد العالم حروبا أو أحداثا للعنف خاصة في الدول المنتجة للنفط أوفي المناطق المجاورة لها، وقد تأثر سوق النفط بدرجة كبيرة أثناء حرب أكتوبر 1973 وكذلك أثناء حربي الخليج الأولى والثانية وقد أثر ذلك سلبا على اقتصادات الدول الكبرى المستوردة للنفط، التي أصبحت الآن أكثر تخوفا وحرصا من تكرار هذه الأزمة حتى في أسوأ الظروف، كما حدث أثناء الأحداث الجيوسياسية العديدة التي شهدها العالم منذ اندلاع الربيع العربي في عام 2011، وهذا ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الفترة، حيث كشفت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية النقاب عن الارتفاع غير العادي في إنتاج الولايات المتحدة من الوقود السائل خلال السنوات القليلة الماضية، كما زادت إنتاجها النفطي بمقدار 4 ملايين برميل يوميا، من خلال وسائل إنتاج غير تقليدية مثل الغاز الصخري، مما أحدثت تخمة في سوق النفط، ومن ثم أدت زيادة المعروض إلى الضغط على الأسعار وأضعفت تأثير الاضطرابات الجيوسياسية، وتمكنت من خلال هذه الزيادة من مواجهة الاضطرابات غير المتوقعة في عرض النفط في الأسواق العالمية، والتي بلغت أعلى المستويات منذ الحرب العراقية الكويتية قبل 24 عاما، وأنه نتيجة لزيادة الإنتاج الأمريكي من النفط وما استتبعه من زيادة المشتقات النفطية المصدرة تم تقليص الطلب على الواردات الأجنبية من هذه المنتجات، لاسيَّما من دول منتجة في إفريقيا، وقد ساعد هذا الوضع على خلق تخمة في عرض النفط في حوض الأطلنطي، وتعتبر هذه التخمة السبب الرئيس لوقوع النفط الخام تحت ضغوط بيع قوية، فضلا عن تراجع أسعار خامات برنت في الأسواق الفورية إلى ما دون مستويات الأسعار المؤجلة وذلك للمرة الأولى منذ عام 2010، وقد نجحت هذه السياسة في جعل أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ عام 2011 أقل حساسية تجاه اضطرابات عرض النفط الفعلية والمحتملة، وهذا سوف يخفف كثيرا من حدة التأثيرات الناتجة عن أي اضطرابات مثل احتلال المتمردون في ليبيا لميناء تصدير النفط وإغلاقه لمدة عام، والعنف في أوكرانيا وتقليص إنتاج إيران في أعقاب فرض العقوبات الغربية عليها ردا على حالة الضبابية التي تحيط بها من جراء الملف النووي، ولاسيَّما أن وكالة الطاقة الدولية حذرت من مخاطر ضخمة تهدد الإنتاج النفطي العراقي، في وقت يفترض أن يوفر النفط العراقي قسمًا كبيرًا من العرض الإضافي المرتقب في السوق بحلول 2019، وقد أدى ذلك إلى وجود خلل في حجم عرض النفط العالمي يبلغ في المتوسط بنحو 3 ملايين برميل يوميا خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2014، وقد استحوذت دول أوبك المنتجة للنفط على غالبية كبيرة من هذا الرقم لاسيَّما ليبيا وإيران والعراق، نظرا لعودة العنف بشكل قوي على خلفية الحرب الأهلية في سوريا والذي يبلغ ذروته في الوقت الذين استولى مقاتلو "داعش" في العراق على مناطق واسعة من الأراضي العراقية، وفي ذات الوقت تتوقع أوبك أن تتقلص حصتها بالسوق العالمية للعام الثالث على التوالي في 2015 لأسباب منها طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة وذلك رغم تسارع الطلب العالمي، إلا أن زيادة إنتاج الدول غير الأعضاء في أوبك ستساعد على تقليص المخاطر في الأسواق العالمية، وإن كان ذلك سوف يؤدي إلى انخفاض الطلب على نفط أوبك في عام 2015 بمقدار 310 آلاف برميل يوميا عن عام 2014، إذ يقدر حجم الطلب بـ 29.37 مليون برميل يوميا في المتوسط، والتي من الممكن أن يصاحبها حالة من التذبذب والتقلبات في أسعار نفط أوبك، ولاسيَّما أن دول أمريكا الشمالية خصوصا الولايات المتحدة لديها القدرة على أن تصبح مصدرًا للنفط بعد ازدهار النفط الصخري لديها الذي يتوقع أن يصل حجم إنتاجه في أمريكا بحلول 2019 إلى 5 ملايين برميل في اليوم، أي حوالي ضعف حجم الإنتاج عام 2013، بالإضافة إلى أن عددًا من الدول ستسعى لاستنساخ النجاح الأمريكي في هذا المجال، مثل كندا وروسيا والأرجنتين، للاستفادة من استمرار ارتفاع الطلب على النفط، الذي من المتوقع أن يصل إلى أكثر من 99 مليون برميل في اليوم بحلول 2019، رغم من المخاوف الأمنية ومخاطر الاستثمار في ظل الاضطرابات الجيوسياسية.