14 سبتمبر 2025
تسجيلجاء جميع الأنبياء عليهم السلام بفكرة جوهرية هي (المحدودية): محدودية الحياة والإنسان والأشياءـ، والحقيقة يا أبنائي الشباب إن لدينا من التطبيقات لهذه الفكرة المهمة، وإن تجاهلها يجر على المرء الكثير من المشكلات، إذا كان لكل شيء طاقة على التحمل، فهذا يعني أننا إذا حملناه فوق طاقته فإنه يخذلنا، أو ينقلب علينا، وهذه الشعلة يا أحبائي الشباب مخصصة لإضاءة بعض المفاهيم المهمة في هذا الشأن، وذلك من خلال استعراض بعض الأمثلة: أ – إن الحديد المستخدم في الأعمدة من أجل حمل أسقف المباني له طاقة على التحمل، فإذا حملناه أكثر من طاقته ماذا يحدث له؟ إنه ينحني، وإذا انحنى يصبح وجوده مثل عدمه، وسقط السقف، وهذا مثال مادي محسوس وسهل الفهم. ب – الضمير الذي في صدوركم والتربية الممتازة التي تلقيتموها في أسركم والمبادئ العظيمة التي تؤمنون بها كل ذلك له طاقة على التحمل فلا تحملوه فوق طاقته من خلال العيش في بيئة مليئة بالمعاصي والمنكرات، ولا تحملوه فوق طاقته من خلال مصاحبة رفاق السوء الذين يتعاونون مع شياطينهم على إغوائهم وتدميرهم، وإن كثيراً من الشباب الذين انحرفوا إنما حدث لهم ذلك: بسبب مواجهة تحديات أخلاقية غير عادية وينبغي على العاقل أن يتعظ بغيره. ج – كثير من الشباب لديهم ذكاء ونبوغ، لكنهم لم يحققوا أي تفوق، ولكي يحققوا هذا التفوق عليهم أن يحملوا ذكاءهم فوق طاقته في رحلة الحصول على التفوق، على أن الذكاء ليس أكثر من عنصر واحد من العناصر التي يتطلبها النجاح، فهناك العلم والتقدير والجدية والمثابرة ووضوح الأهداف. د – بعض الفتيات يتمتعن بجمال بارع، وقد تزوجن، وبعد فترة وجيزة بدأت الخلافات، ثم وقع الطلاق. قال صاحبي: لماذا حدث هذا؟ قلت: هناك طبعا أسباب متعددة، منها اعتماد الفتيات على جمالهن وتحميله ما لا يتحمله، حيث تظن الفتاة منهن أن جمالها يوجب على الزوج أن يتحمل كل الأخطاء، ويستجيب لكل الطلبات وما درت أن الجمال يصبح شيئاً مألوفاً للزوج بعد مدة، وأن الذي يستمر هو جمال الروح وجمال الخلق. قال صاحبي: ماذا يعني بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟ قلت: يعني الآتي يا صاحبي: أ – لاحظوا دائماً أن لكل شيء حدا يجب التوقف عنده، وكما يقولون، إن الشيء ينقلب إلى ضده إذا زاد عن حده. ب – التوازن هو أجمل شيء في الحياة، وهو يعني الاعتماد على عناصر متعددة في تيسير أمور حياتنا، فابحثوا عنه باستمرار. ج – احموا أنفسكم من مبالغات الشباب واندفاعاتهم، التي تدفع دائماً في اتجاه التطرف والبعد عن الوسطية.